لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الأحد، 19 أغسطس 2012

نضال من أجل الحرية...لا للعبودية (رأى)

بقلم الكاتب: محمد ولد رمظان

قبل أن أغوص في جوهر الموضوع لا بد  أن ألفت النظر ولو قليلا إلى السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يحتفل الزعيم التاريخي ومرجعية شريحة الحراطين بالدرجة الأولى مسعود ولد بلخير بعيد ميلاده النضالي كل سنة حتى لا يبقى بعيداً عن الأضواء، كما اعتاد كل مناضلوا العالم الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل تحرير شعوبهم من ويلات الظلم التعسفي الذي عانوا منه تحت ظل أنظمة ومجتمعات جائرة تعاقبت عليهم، بحسب التاريخ الزمكاني.

إن مبادئ المناضل مسعود من أجل الحرية والنضال مازالت حية باقية عند هذه الشريحة المهمشة من المجتمع الموريتاني  والتواقة للحرية الغائبة، ولاسيما في السبعينات تلك الفترة التي شهدت ثورة على القديم ودعوة إلى الجديد والتي تميزت بالعمل السري في الخفاء لتنظيم كان المناضل مسعود يقوده مما نتج عن ذلك احتجاجات مستمرة ونداءات مطالبة بالمساواة والعدالة وإشراك هذه الشريحة في ثروات البلد وعدالة شفافة في تقسيم الوظائف سواء كانت وزارية أو إدارية. 

مما لا شك فيه أن زمن المناضل مسعود لم يغب عن أذهان من آمنوا بنضاله الطويل ضد التمييز العنصري البغيض والذي كان متجذرا في مجتمعنا الموريتاني والتاريخ الإنساني الذي يحفل بكثير من التجارب من أجل الحرية. هذه القضية التي كان يؤمن بها المناضل في الحقيقة ألهمت الكثيرين من الأسياد التقليديين وأبنائهم  للنهوض والتحرك من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمي تلبية لمطالب الأب الروحي والتي تمثلت آخيرا في حملة قادها هو بنفسه تدعو إلى التسامح والحوار السلمي خوفا من الوقوع في حرب أهلية لا تحمد عقباها الخاسر فيها طرفين والرابح فيها طرف آخر.

 إن القفزة النوعية التي شهدتها هذه الشريحة في إشراكها في القرارات السياسية على الصعيدين الوطني والدولي مازالت في الحقيقة نسبية، كما أنها كانت وليدة لتراكمات تاريخية بسبب تفاقم الظلم والتمييز والفساد، والدفاع المستمر ومواقف المناضل مسعود المشرفة، ولا شك أن المرحلة الحالية أي النظام القائم دعم بدوره إحترام وتطبيق إقتراحات المناضل مسعود في احترام مبادئ الحراطين في الحرية والمساواة

 إلا أنه لا يكفي بل الأهم من ذلك إطلاق سراح من نادوا بتحرير العبيد حركيا وإعلاميا و القضاء تماما على هذه الظاهرة الدنيئة والتي ما زالت تمارس بنسبة 80 % والتي في الحقيقة يعود حل معضلتها إلى السلطة المركزية ( رئيس الدولة، وغرفتي البرلمان) بسن قوانين ضمنية صارمة تحل محل قانون تجريم العبودية 2007 والذي لا يحمل في طياته سوى الشكل بعيدا عن المضمون. ولو رجعنا إلى الوراء قليلا  لوجدنا أن المناضل مسعود كان بإستطاعته تكوين شبكة "تواصل" لهذه الشريحة في ذلك الوقت، إضافة إلى أن الساحة كانت خاوية والفرصة سانحة  لتلك الفئة المضطهدة من العبيد الثائرين على الظلم والاسترقاق الممارس على بني جلدتهم.

 إلا أن تمسك المناضل مسعود بالوحدة الوطنية والمحافظة على الحوزة الترابية ومقدرات الدولة واللحمة الاجتماعية كانت عوامل أساسية ومهمة في إخماد ثورة حقيقية من العبيد والعبيد السابقين على أسيادهم، فأرتئ أن تكون آليات تغيير هذا الواقع المعاش بالعلم والتعلم والمشاركة في القرارات السياسية للدولة ومواكبة العولمة التي فرضت نفسها والمشاركة الفعالة في الأنظمة المتعاقبة على البلد لإنتاج جيل مثقف فيه الكفاءة التامة والقابلية للجلوس على طاولة الحوار السلمي كأخوة واحدة مدافعين عن حقوق إخوانهم المظلومين من هذه الشريحة بدل استخدام العنف وذلك لعدة معايير،

مخافة أن تميل الكفة لصالح طرف لا ناقة له فيها ولا جمل، وكذلك الوازع الديني، واليوم ها نحن نرى التاريخ يعيد نفسه يوما بعد يوم لصالح المناضل مسعود في كل الميادين وعلى امتداد التراب الوطنية، فقد تجلى ذلك في حصوله على إجماع وطني في الإستحقاقات الرئاسية الماضية، وميلاد تنظيمات حقوقية مدافعة عن حقوق هذه الشريحة المظلومة بآليات جديدة وطرح بناء، على سبيل المثال لا الحصر تنظيم المناضل مسعود ولد ببكر، حركة إيرا بزعامة الأخ بيرام والتي في الحقيقة يعتبر أستاذي المحترم أبراهيم ولد أعبيد النواة الأساسية فيها والذي أقدر مواقفه، ناهيك عن التنظيمات الشبابية الأخرى، كتنظيم الأخ السالك ولد إنل هذا وإن تشعبت اللآراء  فالنضال واحد والهدف  واحد إلى غير ذلك من نخبة هذه الشريحة المثقفة ذات الطرح السليم.   

إن تجاهل الدولة والسلطات المركزية لقضية الحراطين تعود بالدرجة الأولى إلى تلك النخبة الناضجة منهم والمحسوبين عليهم والذين يتبوؤن وظائف سامية في الدولة من وزراء ومدراء ووظائف بسيطة في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، العيب ليس في مشاركتهم في النظام لأن هذا حقهم فهم في الأخير وبالدرجة الأولى هم مواطنون موريتانيين يمثلون نسبة 50% من المجتمع لكن المشكل في عدم دفاعهم عن إخوتهم وعن مشاكلهم و العراقيل التي تقف في وجه تقدمهم ونهوضهم، فمن المشرف أن يستمدوا قوتهم من شريحتهم لأن ذلك يعطيهم إحتراما وتقديرا من النظام والمجتمع ويدعم تمركزهم، فنحن لسنا ضد ما حصلوا عليه ولكننا لا نشاطرهم الرأي في بقائهم مكتوفي الأيدي وإخوانهم من الحراطين مظلومين،

إن طاعة ولي الأمر وإتباعه وخفض الجناح له ونصحه أمور نص عليها ديننا الحنيف لكن أن يكون بناء الدولة والنهوض بها على حساب فئة دون الأخرى أو مشاركتها شكلا وإتخاذ القرارات دونها هذا في الحقيقة أمر غير مقبول ومرفوض، وقد يؤدي إلى عصيان ،هذا ما أشار إليه المناضل مسعود في جميع المناسبات السياسية.

وفي الأخير يعتبر مسعود جزءا لا يتجزء من نضال شريحة تواقة للحرية ضد العنصرية والظلم، وهو مثال يحتذي به لديها إذا أنه أصبح لهذه الشريحة بفضل نضاله الطويل مسار آخر غير متطرف ومتعجرف لتحقيق حريتها. جدير بالذكر في هذا المقام أن نضع في الحسبان نضاله من أجل الحرية، بعد نضال دام 34 سنة، تمخض عنه تراجع كبير في التبعية حيث كنا نعطي  الأسياد ما لا يستحقون مما حصدناه من حقولنا ومزارعنا في شكل غرامات سنوية حيث كان شبح الطغيان و والغزو الفكري يطاردنا أين ما كنا ونتبع مخطوطاتهم الهزيلة فنهوي في وادي سحيق فهل لنا أن نوقظ أنفسنا من جديد ونعلن أننا أخطأنا في حق أنفسنا.... ونتدارك الأمر قبل فوات الأوان. 



 وللحديث بقية  

0 التعليقات:

إعلان