لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الخميس، 22 ديسمبر 2011

تخليدا لذكرى وفاة الأديب الراحل الشيخ ولد مكي

سدامين ولد أحمد لعبيدي
ورقة تعريفية.. وإبداعات فنية
تعريف بشخص الشيخ بن مكي من هو؟
هو الشيخ بن محمد محمود بن حبيب الله بن محمد بن مكى بن محّمْ تارَ بن حبيب الله بن المختار نللّ بن أبوبكر بن بيايه ابن اشفغ البكاي الإداشفغي  بطنا والأچبى نسبا الآلگي وطنا والبركني جهة.
ولد عام 1902بضواحى مدينة ألاك وتربى فى حضن الرعاية الصالحة وفى الخامسة من عمره ولج الدراسة من بابها الواسع،فالتحق بالمحظرتين الشهيرتين"الكحل و الصفر" فدرس القرآن و أتم حفظه وفتح الجراب لغيره من العلوم المحظرية:كالفقه وعلوم اللغة والنحو والتوحيد.....إلخ.
وكان من أشياخه إبن عمه السيد "أحمد باب بن المصطفى بن امّيْن"والسيد "ماءالعينين بن الشيخ المعلوم"البُساتى"،وكانت مدته المحظرية إثنتين و عشرين سنة منها ست عشرة فى عهـد القاضى الجليل السيد "ديدّ بن محمد محمود"وأما الست الباقية فى عهد أخيه القاضى السيد "أحمدّو بن محمد محمود"وهما من أحفاد العلامة الجليل السيد "لمرابط حبيب الله بن القاظ"صاحب الطرة،والحقيقة أن الأديب الشيخ بن مكي بدأ يهتم بالأدب فى فترة مبكرة من عمره فقد كان يروى عن إبن عمه الأديب "الب بن أمّينْ"الشهير ويحفظ أدبه ويأخذ عنه أدب الآخرين،وقد حدس هذا الأخير في أديبنا شخصية أدبية ناشئة فأهتم به وعلمه ووجهه وأعطاه عناية خاصة،وهذه العناية أعطته دفعا متميزا فى مسيرته الأدبية.
وهنا يروى لنا أنه أول طلعة قالها وهو فى سن المراهقة و ذلك من خلال قصة جرت بينه وبين شيخه فى المحظرة القاضى أحمد بن محمد محمود يقول الشيخ:كنت فى محظرة الكحل ونزل حيّنا بئر"أغدّكلْ"فى أمَشْتيلْ وذلك بعد سنوات لم ينزل فيها حيّناالأبيار،وعندى جواد خيل صغير وليس له سرج،فقال لى يعنى شيخه القاضىأحمد بن محمد محمود:إن أنت قلت طلعة تذكر فيها جميع ربوع"أغَدّكلْ"أعطيتك سرجى هذا ومعلوم أن سرجه فى أحسن ما يكون من الجمال وعندها أنشده الأديب الشيخ بن مكى:
                    يعگل ذاك أحدادْ     لُتَيدْ أُذوكْ إمهادْ
                    لُتيدْ أذُوك أگـوادْ      يالعگل أغدّ كلْ........إلخ
الأديب الكبير الشيخ
ولد مكي رحمه الله تعالى
فأرسل القاضى أحمد إلى الأديب الكبير الب بن أمين يسأله عن صاحب هذا الإنتاج هل له قابلية فأجابه الب:إن هذه هي القابلية بذاتها.
وله فى هذا الموضوع وهو فى سن المراهقة:
                    حد أعل گدْم أعليبْ     بنّارْ أمن اگرَ يّيــــبْ
                    راد أعليه الرقيـــب     يوخظْ يالعگـلْ إنهارْ.....إلخ
وخلاصة القول أن الأديب الشيخ بن مكي لم يبق باب من أبواب الأدب الشعبي إلا وقدم فيه مشاركة جيدة قبل أن يبلغ العشرين من عمره وذلك فعلا قبل مقامه فى منطقة" الگبل".
ثم تأتى مرحلة التوسع اللاحقة وهي مرحلة"إگيد بالگبل"ولاية أترارزه من جهة و السنغال من جهة أخرى حيث استمر مقامه فيهما خمس عشرة سنة وذلك فى عهد الأمير أحمد بن الدّيدْ أمير أترارزه وكانت هذه مرحلة ممارسة أدبية تشبّع فيها صاحبنا من مختلف الثقافات،فأحتك بسكان المنطقة احتكاكا وثق فيه العلاقات وكسب فيه الصداقات ووطد فيه عرى التآلف و الإعجاب المتبادل.وكانت صلاته بأهل تلك المنطقة صلات متميزة كانت هذه الفترة اختبارا دقيقا لجوانب شخصية هذا الأديب "المغترب"وكان بحق سفيرا مثّل نفسه ومجتمعه أحسن تمثيل،ولعل القيمة الحقة لهذا الأديب هي التى يحفظها له سكان"إگيد الذين شهدوا تفجّر مواهبه الأدبية وسالت عليهم من أوديته الفنية جداول صافية أخصبت الأفكار،وسحرت القلوب،فقد خلد أرضهم ومسمياتها تخليدا لم يتسن لغيره بشهادة جميع الأدباء وبقول أوجز فإن الأديب الشيخ بن مكي قد نصب عرش مملكته الأدبية فى "إگيد" ليرحل عنه لاحقا إلى بلاده مرددا ذكرياته فى حنين مستمر إلى كل من ينتسب إلى ذلك النبع.
وظل أديبنا عظيم النفس،حاضر البديهة عذب الحديث،ظاهر الحجة،متوقد الذكاء حتى وافاه الأجل المحتوم يوم الخميس عند الساعة العاشرة صباح    19دجنبرعام 1996 وله من الذرية امرأتين وابن واحد فى سن المراهقة رحمة الله على روحه الطيبة.
المؤلف: الحسن بن أحمد بن اعبـيـــــدى        رحمه الله.
الإبداعات الفنية فى أدب الشيخ بن مكي:
عبقرية أديبنا الشيخ بن مكي لم تتجل فى حسن الأسلوب و رصانة اللفظ و دقة المعنى فحسب بل هي عبقرية إبداعية فذة.
ألا ترى كيف يتصدى لتحديات بعض الأدباء الذين يتقدمون بفنيات إبداعية فى الوزن الحسانى معتقدين صعوبة أوعدم إمكانية محاكاتها فى عصرهم،وفعلا أحجم كل الأدباء فى عصر الأديب الشيخ بن مكي عن التصدى لمثلها إلا أن الأديب الشيخ وحده استطاع أن يبرز عبقريته الإبداعية وقدرته على محاكاة كل الإبداعات المطلوبة و بين ذلك بجدارة بقوله:
            ما يْوَحّلْ عنْد گـوْلانْ     كلْ بتْ إگولُ وَزّانْ
           كل بَتْ أنگول ما كان     گاعْ بتْ أعليّ يَبعادْ....إلخ  
وتجسيدا لهذه التحديات الفنية فقد طلب منه الإتيان بطلعة واحدة تمكن حكايتها فى بتّيْن إثنين من غير زيادة ولانقصان فأتى بها (فى لبتيت التام 8 متحركات) فى قوله:
فَـلّ بالغْــن عن لغـن       فن أسحسنْ لاَرَ لسْـنَ
يوزنْ فلّ گطْ أسمعْنَ       بيهْ ءُرَمَسْتعتنْ وَسّـاهْ
إجِ مَعْنَ لغـْنَ وحْـنَ       ذفـَنْ أسمعناهْ اُرَغْـنَاهْ
وفى لبتيت الناقص 6 متحركات :
فـلّ بالغـــن عـنْ             لغْـنَ فنْ أُسحـسنْ
لارَ لـــسْنَ توزَنْ             فـلّ گـطْ أسْمعْـنَ
بيهْ أرَمسْتـَعْـــتَنْ             وسـّــاهْ إج معْنَ
لغْنَ وَحْـنَ ذ فـَنْ             اَسمعْناهْ أُرغْـــنَ
إلا أن هذه الفنية الإبداعية أتى بها معه فى عصره الفنان الكبير المختار بن الميداح والأديب الشهير سيد بن أبّيْبَ فقط.
وإذا كانت هذه الفنية الإبداعية اشتركت معه فإنه تفرد بإبداعات  أخرى لم يشركه فيها معاصروه مثل الإتيان بگاف حروفه كلها معجمة وآخر حروفه كلها مهملة وآخر حروفه كلها منفردة وآخر يتميز بإزدواجية الكلمات فيه حيث أن كل كلمة منه معها أخرى لا يميز بينهما إلا النقظ. فمثلا الگاف الذى حروفها كلها معجمة قال فيه الأديب الشيخ بن مكي :
ذ َشِّ شَفـْتُ يبْغِ يثـْبتْ       ش فيّ ظنْ نُُّ ِبــــــيَّ
ثبّتُُّ بيّ ظنُُّ خَـفـْـــتْ        ِش خَيّبْ ِش ظنَُّ فيَّ
وقال فى الگاف الذى حروفه كلها مهملة أي غير منقوطة على عكس سابقها:
ملـْهَ حدْ الحدْ إكلَّمْ        ِوعُودْ أعْلَ لهْوْامسَاس
وللَّ ماهُ لهْوْ إسلَّمْ              ِووَاِس رَاهُ لـَمَّاسِ
ويقول فى الگاف الذى حروفه كلها منفردة:
زَوّارْ إدَوّرْ ذ َلّ  دارْ         دُون دونُ زرْتْ إلّ دَرْتْ
ذاكْ أراهُ دارْ ألّ زارْ          وانَ رانِ درْتْ ألّ زرْتْ
وأما الگاف الذى فيه إزدواجية الكلمات و لا يميز بينهما إلا بالنقط :
نَخْترْ نَجْبرْ غيْدَ عَنْدِ           منْتَصَرْهَ ءُمَتْبَصّرْهَ
گايَدْن كايدْن ِوجْدِ               وحْدِ نخْترْهَ نَجْبَرْهَ
هذه إبداعات غريبة من نوعها فى الأدب الحساني انفرد بها أديبنا الشيخ بن مكي مع ملاحظة عدم ظهور التكلف أو الحشو فيها حيث أتى المعنى منسجما مع الألفاظ انسجاما لائقا وممتعا. 

0 التعليقات:

إعلان