في
كل محطات الرحلة ، و رغم متعتها و إثارتها، فقد كانت “كادل تارحييت” أملا تهفو
نفوسنا للوصول إليه ، و بعد صلاة العصر في واد أمور انطلق الموكب بحماس و تلهف ، و
قد كان الطريق القصير آسرا و منظر القرية المتسربل بالجمال على عدوة الوادي بين
أشجار الغضا و الطلح و السمر رائعا رائقا.
دخلنا القرية ، التي ترتسم صورتين مشرقتين، صورة على الواقع مبهرة بجمال الموقع و المباني ، و صورة على الافتراضي ترسمها كوكبة الشباب من مدونيها حين جعلوها على واجهة الأحداث بأدبهم و شعرهم و ثورتهم على واقعها المرير من النسيان الممنهج.
في سابقة أقرب للخيال من الواقع رغم أنها واقع ، و منذ وصول القافلة
إلى المقاطعة ، وصلتنا معلومات أن النائب أحمد سالم ولد عبد الدائم يرفض دخول
الفريق للقرية ، و قد اتصل بالوالي و حاكم المقاطعة و حاكم المركز الإداري ، لكن
محاولاته فشلت ، بل إنه أوصل للسلطات أن السكان يرفضون ذلك و أنهم سيمنعونها من
الدخول.
و تواصلت الاتصالات حتى انطلقنا إليها ، و قد أرسل حاكم المركز
الإداري مفرزة من الدرك لحماية القافلة و توفير الظروف المواتية للعمل
أقام بعض كبار السن و الشباب حواجز عند بوابة المدرسة المؤلفة من قاعتين و تفتقد لمراحيض ، و أحكموا طوقا حول منافذها و أحكموا أقفالا على لى الأبواب.
توقفت القافلة أمام المدرسة و نحن نشاهد حلقة من أغرب مشاهد الحياة ،
شيوخ و شباب ، و مظاهر الانهاك بادية عليهم ، و هم يلوحون بأيديهم : لا نريد
الدواء ، لسنا مرضى ، لن تدخلوا ، لن تدخلوا. دقائق تعيدك في رفوف الزمن لتاريخ
رفض دواء (النصارى) و مدرسة (النصارى).
دخلت من طريق جانبية متظاهرا بعدم الاكتراث و سلمت على الجمهور و
أخذت صورا ما أمكنني ذلك ، و تساءلت عن الأسباب ، فعرفت أنها أوامر من (أطويل
لعمر) ، و هي التسمية المتداولة للنائب و رجل الأعمال الثري عند محيطه العالي و
المتصوفة في الإعجاب به.
من صفحة المدون والكاتب : إسلمو أحمد سالم
0 التعليقات: