لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الاثنين، 17 مارس 2014

رؤية النائب الأسبق الحسين ولد أحمد الهادى للأحداث الأخيرة (تودينة)

النائب السابق الحسين ولد أحمد الهادى

لذا وجب التنبيه...
(وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) صدق الله العظيم و بلغ رسوله الكريم.

تابعت كغيري من المواطنين, حادثة تمزيق المصحف الشريف, و ما تلاها من أحداث مأساوية, و من تعاطي سياسي غير مسؤول و غير ناضج في جله حتى لا أقول كله.

إن ما حدث يعتبر حادثا و ليس أزمة, فالحادث يعرف بأنه :" شيء مفاجئ عنيف تم بشكل سريع وانقضى أثره فور إتمامه وقد نجمت عنه أزمة لكنها لا تمثله فعلاً وإنما تكون فقط أحد نتائجه", و كما تلاحظون فإن التعريف ينطبق تماما على الأحداث التي جرت. 

من المعروف في علم السياسة, أن التعامل السياسي مع الأحداث والأزمات ينقسم إلى 3 مراحل :

1
مرحلة استباق الحدث أو الأزمة: و يتم من خلال المتابعة الدقيقة للتحولات الإجتماعية, الإقتصادية والسياسية التي تعرض لها المجتمع, ودراستها وتقييمها, بهدف تحديد طبيعتها وقياس مخاطرها وتلافى عنصر المفاجآت المصاحب لها, و من ثم محاولة وضع السيناريوهات المحتملة أو ما يعرف اصطلاحا بالمحاكاة أو الفكر التنبؤي, و بالتالي يتم الإستعداد لها إما بتعطيلها أوبوضع إستراتيجيات لإدارتها.

تحتاج هذه العملية إلى وجود مراكز دراسات متعددة الإختصاصات موثوقة و عالية الكفاءة, إضافة إلى طبقة سياسية متمرسة مسؤولة و ناضجة. هذه الأدوات والآليات و الممارسات, و مع الأسف غير متوفرة لدينا, حالنا في ذلك كحال دول المنظومة التي ننتمي إليها, و بالتالى فلا مجال للحديث عن إستباق للأحداث أو الأزمات لدينا.

2
مرحلة إدارة الحدث أو الأزمة: و هي محاولة احتواء الأضرار والحيلولة دون تفاقم الأزمة وانتشارها.

و بما أن الأحداث أو الأزمات لدينا, غالبا ما تكون غير متوقعة وقد تؤدي إلى كارثة إن لم يجر حلها بصورة سريعة, فإن التعامل معها عادة ما يكون محفوفا بالمخاطر, بسبب ضغط عامل الوقت والشعور بالضبابية والاضطراب مما يولد القلق في أحسن الأحوال أو فقدان السيطرة في أسوئها.

ستلاحظون أن هذا بالضبط ما حدث لدينا, و لولا عناية الله و فرض الدولة لسيطرتها لحدث الأسوأ.

تعتبر هذه العملية مسؤولية الجميع وليس فقط الدولة بمنظومتيها الإدارية و الأمنية, بل إن الجزء الأكبر من هذه العملية يقع على عاتق القوى السياسية, و التي كان من المفروض أن تعمل على خفض مستوى الإحتقان و إضعاف قوة الضغط أو الدفع أي الشارع و تلاحم هذه القوى فيما يسمى إصطلاحا التحالف المؤقت وذلك لتفادي الكارثة.

و هذا ما لم يحدث, فالقوى السياسية تخندقت في إطار المصالح المتضاربة والمنافع المحتملة ودخلت في معركة الإتهامات والإتهامات المضادة وكسر العظم, و هو ما أدى إلى تعقيد الأحداث و إطالة عمرها الزمنى. 
3
مرحلة ما بعد الحدث أو الأزمة: وهي إمتداد لمرحلة إدارة الحدث أو الأزمة.

و فيها يتم إحتواء الآثار الناتجة عن الحدث أو الأزمة وإعادة ترتيب الأوضاع، بالإضافة إلى وضع ضوابط لعدم تكرار ما حدث.

بعد حادثة تمزيق المصحف وما تلاها من أحداث, تفتقت أذهان طبقتنا السياسية المتخندقة دائما وأبدا عن مقاربتين مختلفتين في الجوهر والمقصد.

المقاربة الأولى: الأمن أم الحرية؟ و تقضي بالإختيار بينهما, مع أن الإختيار بين الأمن و الحرية بالنسبة للدولة والمجتمع كالإختيار بين الماء و الهواء, فالعيش بدون أحدهما هراء, فكيان الدولة مرتبط بالأمن و أنفاس الشعب مصدرها الحرية, و الدولة ملزمة بتوفير الإثنين حسب مقتضيات القانون والدستور.

و لرئيس الجمهورية وحده صلاحية تعطيل الحريات بمقتضى المادة 39 من الدستور, ويطلع الأمة على الحالة عن طريق خطاب ولا يستشير في ذلك سوى الوزير الأول ورؤساء الغرفتين و هي استشارة غير ملزمة له, وبالتالي فلا مفاضلة ولا خيار بل قرار من رئيس الجمهورية.

المقاربة الثانية: الحريات على حساب كيان الدولة وقوتها و هيبتها.

يستخدم الغربيون تعبير هامش الحريات الآمن, و هي الحريات التي لا تشكل تهديدا لا على لمجتمع ولا على كيان الدولة, ومن المعروف أن تطور الحريات والحفاظ عليها مرتبط بمدى قدرة الدولة على تطبيق القوانين الرادعة و بالتالى مدى قوة الدولة وهيبتها وبسط نفوذها.

هنا أيضا جانبوا الصواب, فحتى ولو كانت الدولة وفي ظروف هي وحدها من يحق لها تقديرها قد غضت الطرف عن تطبيق قوانين رادعة في حق تجاوزات في الحريات العامة فذلك لا يعتبر إلغاء لتلك القوانين ولا حقا مكتسبا لمتجاوزيها ولا حتى عرفا بل يحق لها ومن واجبها العمل بتلك القوانين الرادعة حفاظا على الأمن والسلم الأهلي.
 
تلكم هي رؤيتي للحادثة والأحداث وما تلاهما, والله ولي التوفيق.


حفظ الله موريتانيا من أبنائها قبل أعدائها.

0 التعليقات:

إعلان