لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الثلاثاء، 1 أبريل 2014

أهمية الحوار في ترسيخ الوحدة الوطنية (رأى)

إذا أردنا أن نتحدث عن الحوار كأسلوب وطريقة ومنهج، نجد أنه يشكل أسلوباً حضارياً للأمم المتحضرة الواعية، وفي الدين الإسلامي يحتل مجال الحوار موقعاً مهماً ويمثل قيمة من القيم الحميدة والمهارات المطلوبة، وبإلقاء نظرة فاحصة على كتاب الله الكريم نجد أنه يحتوي على مجموعة من الآيات التي تشير إلى أهمية الأسلوب الحواري الذي يمثل منطلقاً للحوار الفكري الناضج، وفي السنة النبوية المطهرة يضرب لنا الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أروع الأمثلة وأدقها في كيفية التعامل مع أصحابه وأفراد مجتمعه إبان دعوته.

وبالتأمل في بعض أحاديثه التي كانت تتضمن توجيهات لأصحابه أو إرشادات أو أوامر أو نواهي، نلاحظ أنه كان يحرص على عدم استخدام الأمر والنهي المباشر في كل الأحوال، وفي مواقف معينة تقتضي الالتزام وخصوصاً فيما يتعلق بثوابت الدين وأصوله، والذي كان يوجه لهم ما يريده في شكل سؤال لإثارة الانتباه وشحذ الهمم وتنشيط تفكيرهم، مع أنه ببساطة يمكن أن يقول لهم: اعملوا كذا ولا تأتوا كذا،، وسيمتثلون لذلك فوراً، إلا أنه كان يريد أن يكون أصحابه على قناعة تامة وهم يمارسون عباداتهم وسلوكياتهم الحياتية المختلفة.

 وقد تجلى ذلك في استخدام الرسول- عليه أفضل الصلاة والسلام- للشورى في تعامله مع أصحابه انطلاقاً من احترام آراء الآخرين والاستفادة من أفكارهم وإتاحة الفرصة لهم لإبداء آرائهم بحرية مطلقة وفي جو من المحبة والألفة التي تعود عليهم بمزيد من التعاضد والتكاتف، ومن هنا ندرك أهمية مبدأ "الإقناع والاقتناع" كمبدأ مهم للغاية يصل بكل الأطراف إلى الاقتناع بوجهات نظر الآخرين في حالة ثبوت خطأ رأيهم والقدرة على إقناع الآخرين في جو يسوده الحوار الفكري الواعي.

 لا شك أن للحوار الفكري الواعي الموضوعي دوره البارز في إيجاد بيئة حضارية واعية من خلال إكساب أفراد المجتمع أسلوباً راقياً في التعامل مع بعضهم بعضاً مما يجعلهم قادرين على إدراك مصالحه المشتركة ودورهم المنوط بهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم بل وأكثر من ذلك الحفاظ على مكتسبات الوطن وحضارته وإدراك الحس الحضاري في التعامل مع المرافق والممتلكات العامة، بالإضافة إلى أن الحوار الفكري يتيح لكل النخب الأكاديمية والثقافية والاجتماعية في المجتمع للتشاور والتناصح وفتح آفاق واسعة للنقاش العملي الواعي مما يوجد أرضية صلبة للاتفاق والبعد عن الخلافات التي قد تنهش في جسم المجتمع مما يولد الفتن ويزيد من تفاقم المشكلات، وإتاحة الفرصة لمزيد من الحوارات الوطنية الفكرية ويكسب كل فئات المجتمع أهمية إدراك أدوارهم والوعي بمسؤولياتهم في بنائه ونهضته وتطوره.

وبطبيعة الحال فالحوار مطلب ملح للتشاور والنقاش حول كافة قضايا المجتمع وهمومه ومشكلاته وآماله وطموحاته، بشرط أن يكون وفق أطر وثوابت المجتمع الدينية وفي ضوء قيمه وعاداته وتقاليده وأعرافه الحميدة، ومن الجدير ذكره أن الحوار على اختلاف أساليبه وفئاته لا بد له من آداب ينبغي أن يلتزم بها كل المشاركين، من حيث مراعاة الوقت المخصص للمشاركة، وتقبل وجهات نظر الآخرين وعدم تعصب الفرد لرأيه، وعدم مقاطعة الآخرين أثناء الحديث وامتلاك مهارة حسن الإصغاء والاستماع.

 فلكي يكون الإنسان متكلماً جيداً لا بد أن يكون مستمعاً جيداً والتزام الشخص بالهدوء والسكينة والحديث بتأن، وعدم تسفيه الآخرين، فالحوار بحد ذاته يكسب الأفراد تلك المهارات السابقة، ويجدد أفكارهم وينمي تفكيرهم من خلال التأمل والمقارنة والاستنتاج للوصول إلى نتائج واضحة وموضوعية مدروسة، وهكذا فإن الآراء المجتمعة المتعاونة المنطلقة من حوار وطني فكري ناضج وفق ضوابط تصل بطبيعة الحال إلى حلول وأفكار ومقترحات ونتائج إيجـابية لا يمـكن أن يصل إليها رأي واحد أو فرد مستقل بذاته أو نظرة متعصبة غير حكيمة.

 د/ الخليفة بن شيبة ولد أداع


0 التعليقات:

إعلان