الأستاذ المرتضى ولد محمد أشفق |
لا بــد للمتحدث عن الندى أن يعبر أحيانا بالصمت والشرود في عوالم رحبة من الصفاء والنقاء والطهر... تنقلك إلى دنيا هي أقرب إلى ذلك الجمال المطلق الذي نحسه ونستمتع به لكننا لا نعبره، لأن الحديث عنه يفـــسده... فالإحساس فيه أكبر من العبارة و المحسوس به أعــظم وأجل من الحاس نفسه, فيشعر بالعجز والضآلة إزاء مستحضره فـــــــــلا يجد إلا الدموع والبكاء وسيلة للتعبير.. ويكون الصمت هنا أبلغ من الكلام.. فنحن مهما قلنا ومهما وصفنا وسردنا من خصائص الرجل ومزاياه, يبقى فيه دائما ما لم يوصف.. فخلقه العظيم لا يحد.. وتواضعه ظاهرة لا تصدق.. وحلمه وعدم الغيرة لنفسه حيرا كل من يعرفه... مبادراته كانت أكبر من زمانها ومكانها... أفكاره ومطامحه لم تكن أبدا شخصية... قناعته وزهده في ما عند الناس مدرسة رفيعة المستوى... صبره الجميل عجب عجاب, تحمله غريب حتى ليخيل إلي أحيانا أن الرجل يستمتع بالمشقات والصعاب... والإنسان بطبعه البشري وغريزته الأرضية يحب الجاه والتسلط والظهور... ويحب المتعة بالرخيص الفاني وربما شغلته عن الغالي الباقي.. قليلون من لم تجمح بهم غفلتهم إلى المزالق وتقودهم بنيات الطريق إلى المنحنيات الساقطة يسيرون فيها مستمتعين بعذوبة ضلالهم وغيهم... وبابتعادهم عن آلام الصراط المستقيم... لكن الندى لم يحس أبدا أن في سلك الصراط المستقيم عذابا ومشقة... قد جعل الله قرة عينه في الاتباع واستحضار الآخرة (...وجعلت قرة عيني في الصلاة)... من عرف الندى من قرب لا يصدق أنه تربى في جو بدوي أصيل... ولا ضير في بعض قيم البادية, لكن الندى كان رجلا بطبعه متمدنا... يحترم الوقت... يتخفف في أسفاره (فكيف نتخفف من الصلاة في السفر ولا نتخفف من الأثقال الكمالية..) ...يرتب الأشياء في بيته... لكنه أبدا لم يتكبر على الطبع البدوي الغالب على كثير منا... ومنا من إذا اضطرتهم الحياة للعيش أو الدراسة في الخارج يعودون وفي نفوسهم تأفف من حياة مجتمعاتهم... ربما بلغ البعض حد التكبر والاستقذار... وقد سافر الندى ورأى صنوفا شتى من الحياة المدنية الراقية لكنه ظل الابن البار لبلدته... عاشقا لأرضه , حتى البقعة الأولى التي اختط فيها أول كوخ له لم يبرحها رغم معاركه الدائمة مع الرمال ورغم تبديل كثير من أبناء بلدته وجيرته لمنازلهم بحكم زحف الرمال المتواصل... ظل وفيا لتلك الساحة ينازل الصحراء وتكون الحرب سجالا بينهما حتى انتصر واقتنعت أنه لن يبرح تلك الأرض التي ألفته وألفها...
قالت لي بعض العجائز اللائي كن يزرن نواكشوط للتداوي إنه مع حرصه على دوام صلتهن, كان يحملهن في سيارته ليريهن معالم كن يسمعن عنها وما كن يقدرن أن يرينها رأي العين, مثلا كان يذهب بهن إلى المطار ودار الإذاعة وبعض الفنادق... ويريهن المحيط والمعرض وكل معالم نواكشوط... من يفكر في هذا غيره رحمه الله؟؟؟ عندما قلنا إن الندى سافر إلى خارج البلد فإنا واعون أنها كانت زورات قصيرة لأنه امتنع عن الدراسة أو العمل في الخارج - وقد وجد إلى ذلك سبلا متعددة – برورا بوالديه فكما قال لي ذات مرة إنه لا يستطيع أبدا رغم الفرص السانحة أن يجعل والديه وراء ظهره... كان لا يمضي عنهما أكثر من أسبوعين مهما كانت شواغله, وقد ذكر لي بعض الشيوخ أن سيد ولد الندى أشهده على برور الندى ورضاه عنه... وسيد محليا معروف أنه قليل الحديث عن أولاده...
كان رسولا أمينا من رسل العلم والمعرفة حتى في سنوات التصحر العلمي والجفاف الخلقي، جاهد ليبحث ويدون ويسجل كثيرا من تاريخ موريتانيا عبر عصورها المختلفة: فألف في التاريخ... والاجتماع... والأدب.. والفقه... الخ، من أهم مؤلفاته:
1- دور المحاظر في موريتانيا، بحث بحث لنيل الشهادة من المعهد العالي.
2- دور المحاظر في موريتانيا، وقد عمل هذه الدراسة بعد الأولى وسماها بنفس الاسم وقد تكفل الشيخ/ محمد الإغاثة، بطباعته للمؤلف وقد أرسل له نسخا تجريبية وهذه النسخ التجريبية بعضها موجود.
3- تحقيق نوازل ولد بلعمش، تحقيق مشترك بين كل من: محمد يحي ولد سيد أحمد، السالك ولد محمد المصطفى، وهذا العمل قاموا به لصالح المعهد إلا أنه توفي قبل اكتماله وقام الأخوان بإكماله.
4- معجم المؤلفين الموريتانيين.
5- الخريطة الموريتانية من خلال الشعر الحساني دراسة لصالح المدرسة العليا للأساتذة.
6- الوسوم الموريتانية.
7- دراسة للخريطة الموريتانية مدعمة بالخرائط لم يذكر لها عنوان وتتطرق للمناخ والتربة والسكان والمنظمات العاملة في موريتانيا.
8- دراسة حول المستعمر.
9- الكحلاء والصفراء في موريتانيا.
10- الأمثال الحسانية.
والندى مجاز في القراءات المشهورة له شهادات عليا مستواه العلمي أكبر منها... لم يضخم بها سيرته الذاتية في حين نؤلف نحن وغيرنا من الأميين أسفارا ومجلدات لسير ذاتية مختلقة رجاء التعيين أو الترقية...
في يوم 13 مارس 2000 كان الندى في إغفاءة قصيرة قبل صلاة الظهر, وحين أحس بقرب الوقت نهض ليتوضأ ويذهب إلى المسجد للصلاة... لكن روحه الطيبة كانت على ميعاد مع خالقها... ميعاد حضره الندى وكرس كل حياته من أجله... مقتنعا أنه مهما فعل فان معوله دائما على رحمة الله...
لم يكن الندى وزيرا.. ولا مديرا كبيرا... لم يكن من لصوص الوطن أو صعاليكه... ولم يكن أبا وزير أو مدير أو صعلوك نهاب... لذلك كان موكب جنازته عظيما جدا.. وكبيرا جدا... فلم تتعطل حركة المرور في العاصمة حتى يخرج الموكب المهيب... لم تدو صفارات الشرطة ومنبهات السيارات لافتة أنظار الناس إلى طول الموكب والعدد الضخم من السيارات... لم يكن رأس الموكب في (تنويش) وذيله عند (اكلينيك) ...لا.. فالندى ليس لاعب كرة ماهر افتقده فريقه فجأة ..لا... وليس نجما من نجوم الفن يبكيه المعجبون والهواة... وليس وزيرا ولا أبا وزير يتدافع المتملقون ليروا أنفسهم طمعا أو خوفا.. ليس الندى شيئا من هذا كله... بل هو عبد من عباد الله الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما... لذلك جاء في موكب صغير.. صغير جدا... سيارة واحدة تقل جثمانه الطيب... هكذا كان يريد الندى لجنازته أن تكون... فكما كان يعمل في صمت.. ويكبر في صمت أراد له الله أن يرحل في صمت... دخل المقبرة بهدوء ودفن بهدوء وغادر الناس إلى القرية بهدوء.. بلا جلبة ولا ضوضاء ولا اعتراض على قدر الله... هذا في حين تحولت كثير من مناسبات تشييع الموتى إلى مناسبات لأحاديث الفضول والسياسة, وذكر أخبار الصيف وأمراض البقر, حتى داخل المقابر وفوق الأجداث... وقل المعزون في الندى... ومن يعزي المعزون... وما كان الندى أبا أحد من وزرائنا ولا تجارنا الكبار ولا موظفينا السماة... يتقرب إليهم ويسعى إلى كسب ودهم... وكم تحولت اجتماعات العزاء أيضا إلى حفلات ولقاءات للتنسيق السياسي والدعاية المكشوفة وأحاديث يغلب عليها الهزل... واللغو.. والنكتة الرخيصة... وأحيانا إلى تلاسن وإثارة النعرات الحزبية... بعيدة كل البعد عن جو الخشوع والعبرة... لله درك أيها الغائب الحاضر والراحل الباقي ما أعظمك حيا وميتا...
بعض المراثي التي قيلت فيه:
قال الشاعر محمد الحافظ ولد أحمدو:
خليلــــــــــــــي لا تغتر بالعيش مسعدا *** وإن أبرق المأمول فـــــــــيه وأرعدا
وخذ من هدى المخـــــــتار إسوة قانت *** لشد مآزير الحنــــــــــــــــيف تجردا
فـما هذه الدنيــــــــــــا سوى حلم نائم *** وغير سراب غر ظمـــــــــان بالكدى
فــــــــــأكثر من التذكار للموت جاهدا *** وكن فــــــــــــــي ملذات الدنية أزهدا
وشمر لإدراك الذخائــــــــــــر في غد *** وكن كالندى حام الحقيقة مرفـــــــــدا
على الأريحي العبقري الفـــــتى الندى *** لتبكي جــــــــــــبلات المكارم والندى
وتبكي سجيات الظرافـــــــــــة والتقى *** ليبكــــــــي عليه العلم والحزم والندى
فـــــتى عاش بين المهد واللحد دارسا *** ينقب عـــــــــــن مكنون مؤترق الندى
علــــى خير ما يمضي الرجال شهامة *** وعفة أخلاق مضى المصطفـــى الندى
سقى قبره المعمــــــور بالذكر والتقى *** حبي مــــــــــن الرضوان يهطل مزبدا
وحفــــــــــت به حور الجنان خرائدا *** تغني مزامير السعادة ســــــــــــــرمدا
وطافت عليه بالكـــــــــــــؤوس ولائد *** تسقيه فـــــــــــي الخلد الرحيق المبردا
ولا زال فــــي الفردوس دهرا منعما *** وأولاه فـــــــــــــــــيه الله قصرا ممردا
وبارك في الأبنــــــــــاء والأهل كلهم *** ووفــــــــــــــقهم أن يسلكوا سيرة الندى
بجـــــــــــــــــاه رسول الله سيد خلقه *** عليه صلاة الله مثنــــــــــــــى وموحدا
وقال محمد يحي ولد سيد أحمد، في رثاء أخيه وصديقه الندى ابنه رحمه الله، بتاريخ: 13 مارس 2000 الموافق يوم التروية الثامن من ذي الحجة سنة:1422هـ.
هو الرزء فقد ابن الندى، ذى الندى"الندى" *** صديق الندى حامي حماه أخـــي الندى
خليل النــــــــــدى من كان يرضاه صاحبا *** وأعرق عنه ذكر ذاك وأنجــــــــــــدا
فـــــــــــــــــــمنه المسمى طابق الاسم أنه *** غدا بالمساعي "مصطفــــــى ومحمدا"
قضى السيـــــــــــــد بن السيد الماجد الذي *** بأخلاقه المثلـــــــــــــــــى سموا تفردا
قضى رجل ما شئته ذو شمـــــــــــــــــائل *** حسان كعرف الروض أخضله الندى
وظرف وعقل راجـــــــــــــــــــح ورزانة *** وعطف ولطـــــــــــــف حكمة وتوددا
وذو الخلق المرضي يجنـــــــــــــي سعادة *** بدنيــــــــــــاه والأخرى بها كان أسعدا
قضى رجل راقت وطابت طبــــــــــــــاعه *** بغر الــــــــــــــمزايا قد تأزر وارتدى
فتى كان عذب الروح يرضيك جـــــــــــده *** ويرضيك منــــه الهزل إن طرق الددا
وفـــــــــــــــــــــــــي بحثه آدابه وسلوكه *** وفــــــــــــــي طبه نيل الشفاء لكل داء
وفي ذكره فـــــــــــــــــــي هديه في حديثه *** على أنه قد طاب نفــــــــــــسا ومحتدا
فلله منه مؤمــــــــــــــــــــــن محسن بدت *** مزاياه فــــــــــي شأو العلى بلغ المدى
ولست بمستثن بـ "إلا" فــــــــــــــــضيلة *** ولا بسوى أو غير حاشـــــى خلا عدا
لئن غاب عنا فالفـــــــــــــــضائل لم تغب *** فـــــــــــــــــكان بغر المكرمات مخلدا
وعمر الفتــــــــــــــى الثاني المخلد ذكره *** ومـــــــــــــا مات من أبقى ثناء مرددا
سقى الله قبرا حلـــــــــــــــه غيث رحمة *** وملأه نورا وروحـــــــــــــــــــا وبردا
وآنسه فــــــيه ووسعــــــــــــــــــــــه له *** وأولاه فــــــــي الفردوس قصرا مشيدا
ينال به ما دونه تقصر المنــــــــــــــــــى *** ويكسى حريرا فــــــــــيه يلبس عسجدا
وعوض خيرا مــــــــــــن ذويه وعوضوا *** من الندب خيرا لا يزال مجــــــــــــددا
فصبرا ذويه تربحـــــــــــــوا الأجر بعده *** بوعد كريــــــــــــــم ليس يخلف موعدا
أعزيكم فيه بأفـــــــــــــــــــــضل مرسل *** وأصحابه أهل العلــــــــــى أنجم الهدى
وأن لا بقا للمرء في هذه الدنـــــــــــــــــا *** ولو أنه فـــــــــــــي المبتغى نال مقصدا
فــــــلم يحم أهل الفضل فضل وذو الغنى *** غناه برغم منــــــــــــــه لم يحمه الردى
أأبناءه دمتم بدور محامـــــــــــــــــــــــد *** بكم فـــــــــي المساعي والمحامد يقتدى
وتبنون فـــــــــــــــــــي العلياء مثل بنائه *** وتحمون بالمعروف مــــــــــا كان شيدا
وضاعف ربـــــــــــــي أجر سعي أبيكم *** وصلــــــــــــــــى على خير البرية أحمدا
مرثية المرحوم محمد المصطفى بن الندى رحمه الله تعالى:16/03/2000
الله نـــحن له إن شــــــاء أبقانـــا *** والله نـــحن لـه إن شاء أفــــنانـا
والله مهمـــا قضــى بالأمر نـحمــــده *** فــــــالحمد لله أهــــــل الـحمد مولانا
منه الحيـاة ومنه الموت هـل نظـر *** ألا نديـن لأمــــــر الله إذعـانـا
والدهر يجري ليلقي النـــاس كلهـم *** طـي المـقابر أجناســــا وألوانـا
والمــــــوت غاية كـل الخلق لا أحد *** إلا له أجل يـــاتيه عـجلانـا
ونحن نلهـو وننسى أننا سفــر *** نــحو الفـناء ونهوى العيش نسيانـا
وما الحيـاة سوى مـوت نحضره *** ونحـن لسنا سوى آثــــــــــــار موتانا
والموت يختار أرواح الـكرام لـذا *** ك اخـتار أسلمـنا قلبا وأغـلانـا
كان الندى علما في كل محمدة *** وكـــان أطيـبنا نفـسا وأعلانـا
وكان أرجحنا عقلا وأرحبنا *** صدرا وأثقلنا حلـما وأتقانـا
وكان أصوبنا رأيا وأوثقنا *** عهدا وأغزرنا علـما وأوفانـــا
وكان أنصرنا للديـــن أتبعنـا *** للشــرع أقرأنا دومـا وأقرانــا
وكان أشرفنا خلقا وأوهــبــنـا *** يدا وأوصـلنا أهــلا وأعطانـــا
وكان أعظمنا صــبرا وأقومنـا *** نـهجـا وألطـفــنــا قولا وأحلانــا
وكان أنفـقنـا سرا وأرحمنــا *** وكان أقنعنـا حقا وأسخانا
وكان أوسعنـــا برا وأمنعنـا *** جـارا وأطهرنـا لبــا وأنقانـا
وكان أجملنا سمتا وأعطفـنا *** على الضعيف وأخشانا لأخرانا
وكان أ حفظنا للســر أصوننا *** للعرض أزهدنا في حظ دنيانا
وكان أطوعنا لله أرأفـنا *** بالخلق كلا وللشيطان أعصانا
وكان أقربنا للخـير أبعدنا *** من الشــرور وفـــي البيضاء أقوانا
كان الندى قبلة العافـين بغيتهـم *** وكان أشكر هـذا العصر ضيفانا
وكان غيث اليتامى والضعاف ومن *** ضاقت به السبـل أو مـن ضاق خلانا
وكان مأوى المعنى والكسـير وإن *** شكا المضيـع أعلاه النـدى شانا
إمـامه الشرعة الغراء يتبعها *** لم يـقف إلا أحاديثا وقرآنا
كان الندى كاسـمه تـنـدى خـمائلنا *** به وتنـتــعش الأشجــار أغصانا
يا ديمة من سحاب الخير ما فـتئت *** تطـارد المحل تهطـــالا وتـــــهتانـــــا
ما بالك اليوم ما زالت مرابعنـــا *** عطشــــــــــــى إليـــــك وطلــــع النخل ظمآنـــا
من كالندى مكتبا؟ من كالندى سكنـــــــــــــــــا؟ *** أو كالندى اليوم توفـــــــــــــيقا وإحـــسانــــــا؟
بيت الـــــــنــــــــدى مرتع خصب ومــأدبـــــة *** عظمى وقلب الندى تــــــــــــــلقاه مـــــيدانـــــا
قرب المكاتب قرب السوق إن تـــــــعــــبـــــت *** رجلاك فــــــــــــــأت تجــد أهـــــلا وإخوانـــــا
تلق البشــــاشة تــــــــــــلق الود تــــــلق قرى *** وتستـــــــفـــد من ثــمار العــلم عرفـــــــــــانــا
وتلق سيارة وقفـــــــــــا ويـــا عجبـــــــــــــــا *** كانت مطيـــة أقصانــــــا وأدنـــــــــــــــــانــــــا
واليوم لما مضـــى مــــات الندى وهـــــــــوى *** بدر الدجـــــــــى وتوارى النجم حيرانـــــــــــــا
وغابت الشمس عنــــــــــــــد الظهر واحتجبت *** قبـل الغروب الذي عـــــــــاشــته أزمانـــــــــــا
ومــــــــــات أنــــفــــــعنا للـــــــــمــــسلمين وأســــــ***ــــعـــــــــــــى فـــــــي مصالحهم منا وأجرانــــــا
لم يحمل الغل بل طــــــــــــــابت سريرتـــــــــــــه *** وكان أصدقنــــــــــــا قولا وأشـــفـــــــانــــــــــا
فمن لمدرســـــــــــــــــة الأخلاق أكملــــــــها؟ *** مــــــن للضعــــــاف جميعــــا من لمرضــانــــا؟
من للمســــــاجد؟ من للعلـــــــــــم ؟ من لذوي *** الحاجــــات بعد الندى شيبا وشبانـــــــــــــــــا؟
من للصريــــخ ومن للجار من لــــــــهمــــــا *** بعد الندى إنــه قد كان أرعـــــــــانــــــــــــــــا؟
أخفـــــــــــــــــــف بظل الندى قد كان أذكرنـا *** للفــــــضل لكنــــه للســـــــــــــــوء أنسانـــــــا
أرفــــــــــــــــع بقدر الندى أمتع بعشرتـــــــه *** أحسن بصحـــبـــــتــــه سرا وإعــــلانــــــــــــا
قد كان أوثقنـــــــــــــــــــــا بالله أخلصنـــــــــا *** لله أعملنـــــــــــــا فـــــــي الله أصـــــــفـــــانـــا
وكان أبسطنــــــــا طبعــــــــــا وأعظمنـــــــــا *** معنى وكان بمـــــــــــــــا يأتيه أرضـــــــانـــــــا
لم يملك المـــــــــــــــال لا إبـــــــــــــل ولا بقر *** لكنه كان فـــــــــــــــــــي المعروف أغنانــــــــا
مصيبــــــــــــــة الدين والدنيــــــــا مصيبته *** مـــــــصيبة الكــــل سودانـــــــــا وبيضانــــــــا
مصيبة الضيـــــف والأطيار والــــــــبـــؤسا *** مـــصيبة الفـــــقرا طفـــلا وكهــــــــــلانـــــــــا
ستون عاما قضاها فــــــــــــــــــي مجــاهدة *** وبذل مــــــــــــال وتحصيل لــــــــــــما زانـــــــا
لو كان يفـــــــــــــــــــــــدى بمال أو بــبذل دم *** لسـارع الناس أفــــــــواجا ووحدانـــــــــــــــــا
لكنمـــا الموت مكتوب لـــــــــــــه أجـــــــــل *** والنـــــــــــاس تلـقاه نسوانـــــــــا وذكرانــــــــا
يـــــــــــــا قبر أنت حويت اليوم أحمدنـــــــا *** سعيـا وأطيبنــــــــــــــــــا روحا وجثمانـــــــــــا
يا قبر طبت فسد من فــــــــيك مفــــــــــــخرة *** وطــــــــــاب فـــــــــيك الندى نزلا وجيرانــــــــا
يا رب بلغه أجر الصـــــــــالحين ومـــــــــــن *** أحببت واكتب له لطفـــــــــــــــــــا ورضوانــــــا
أسكنه جــــــنــــات عدن تحتـــــــــــها نــــهر *** فـــــــي ظلها يجتني روحـــا وريــــــحانــــــــــا
أفــسح له القبر نوره وهب أنــــــــســـــــــــا *** وارزقه مقعــــــــــد صدق عنــد مــــــولانــــــــا
وارزق ذويه العلا من خير مـــــــــــــــــنزلة *** حتـــــــــى يكونـــــــــوا جميعـــا مثل ما كانــــــا
صلــــــــى الإله علـــــى الهــــــادي وعترته *** خير الـــــورى نسبـــا فـــضـــلا وإيمانــــــــــــا
المرتضى بن محمد أشفق
3 التعليقات:
شكرا لك أستاذنا الكريم على الوفاء غير المتكلف والكتابة الجميلة والشعر الرائق ولمن لا يعلم فإن القصيدة الأخيرة هي للأستاذ الشاعر:المرتضى ولد محمد أشفق وكانت تعبيرا صادقا ووصفا دقيقا لما كان عليه الندى ولو لا أن المرتضى هو من كتب المقالات الثلاثة عن الندى وكتابة المرتضى لا تعوض لكان يكفي أن ينشر قصيدته لقد قرأتها بتمعن ولم أتذكر وصفا أتى به في نثره -رغم كثرة الأوصاف- إلا وجدته في قصيدته ويمكن أن أصف المقالات بأنها {أطرر وحواشي القصيدة} فجزاه الله خيرا ورحم الله الندى
اطال الله بقاء استاذنا الكريم وتغمد والدنا الندي برحمته الواسعة اتذكر ان القصيدة الاخير كان لها دور مزدوج في مصابنا فكانت تطمئننا علي الندي رحمه لانا نشهد ان ماجاء فيها صدقا (موه شكر الميت) و لكن تزيدنا الما علي فراق من هذه اوصافه ففي زماننا هذا لم تعد القصائد لها معني الا اذا كان الشاعر ممن حافظ علي صدقية شعره واوصافه كما فعل استاذنا فهو شاعر مجيد كان بإمكانه لو اراد ان يكون نجم سهرات الشعر الطائعية في الزيارات الكرنفالية آن ذاك لكنه حافظ علي مصداقية شعره
قال القاضي اسماعيل ولد الشيخ سيديا للقاضي محمد سالم ولد عدود بعد أن سمع قصيدته في رثاء ابراهيم بن باب ولد الشيخ سيديا رحمه الله : وددت أني أقتل أخوتي حتى ترثيهم كما رثيت الشيخ ابراهيم .." وكذلك المرتضى لقد أبدع أيما إبداع وهو يترسم خطى الندى ..خطى المجد والحمد والتاريخ الشريف