لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الخميس، 18 أكتوبر 2012

الحزب والقبيلة... زواج غير مكتمل الأركان (رأى)

الشيخ ولد ببكر: كاتب وإعلامى
نحن فيما يبدو على أبواب مسلسل طويل من الإستحقاقات بدءا بالإنتخابات البلدية والتشريعية اللتين تجاوزتا وقتهما المحدد بكثير نتيجة التجاذبات السياسية والحوارات الجزئية الفاشلة فى كثير من الأحيان وانتهاءا بالإنتخابات الرئاسية التى لاتفصلنا عنها إلا فترة قصيرة جدا.

ونتيجة لفقدان نظام حزبى قوى يستند على مبادئ وبرامج مجتمعية يدعمها مخزون انتخابى فعال فضلا عن كون القانون المنشئ للأحزاب السياسية لايشترط قاعدة شعبية لتأسيس حزب سياسى ويكتفى باكتمال أعضاء الهيئة القيادية للحزب والتى تتقلص بسرعة أو تتلاشى ليبقى الرئيس وحده.

نتيجة لهذا كله تبرز بقوة التنظيمات التقليدية (القبائل) وهى تنظيمات قوية ومتبرة تحكمت فى مفاصل الدولة الموريتانية ردحا طويلا من الزمن وعبثت بمقدرات البلد وعرقلت قيام وبناء الدولة الموريتانية.

والخطير فى الأمر أن الأحزاب السياسية وهى المرشح الأول للعب دور القبيلة من الناحية الإيجابية وبأساليب حضارية وديموقراطية، "انتهازية هى الأخرى وضعيفة للغاية".؟

فمن جهة لايمكن أن تفرط فى هذا المخزون الهائل من الأصوات الذى تمتلكه القبيلة ومن جهة أخرى ليس بيدها إلا الإذعان لشروط شيوخ القبائل المتمرسين بامتياز ولديهم تجربة طويلة فى إبرام الصفقات السياسية بأثمان معجلة ومأجلة، فهؤلاء لاشك سيملون شروطهم من موقع القوة وقد لا تتفق بالضرورة أو لاتتماشى مع متطلبات بناء الدولة الحديثة ذات المؤسسات الديموقراطية والتنموية، غير أن شيوخ القبائل فى نظرى أكثر ديموقراطية وأهدى تصرفا من رأساء الأحزاب السياسية لأنهم على الأقل تعودو التششاور فى إطار الجماعة قبل اتخاذ القرار.

وبما أن الأحزاب السياسية كثيرا ما تطالب بالتبادل السلمى على السلطة وتسعى إليه بشتى الوسائل الشرعية وغيرها فإننا نحن الشعب الموريتانى نطالب رأساء الأحزاب بالتبادل السلمى وقبل قيام الساعة على قيادة هذه الأحزاب، كما نطالب بتجديد الطبقة السياسية عندنا وفق أساليب النضال السلمى والشفافية والديموقراطية حتى لاتظل أحزابنا مؤسسات لأفراد أو قبائل أو جماعات كما هو سائد الآن فى جل تشكيلاتنا السياسية، فأكثر الأحزاب لايعرف إلا بأسماء رأسائه والمطلب الملح والأهم هو أن تضع هذه الأحزاب برامج واضحة ومشاريع مجتمعية مفصلة حسب رأيتها وتقدمها لنا وتتبناها وتنوى تنفيذها إن حالفها الحظ.

وأن تقترب هذه الأحزاب من الناخبين.

فالعلاقة بين الأحزاب والناخبين ظلت شبه معدومة وتداور فى نقطة البداية أو هى كالعلاقة الجنينية فالأحزاب تطل على استحياء ثم تختفى ولايسمح لها سماسرة سياسة القبائل بالتوغل فى المجتمع فذلك رصيدهم المحتكر.

الأحزاب فى نظرى تحتاج الآن أكثر من أى وقت مضى إلى اندماج حقيقى فى المجتمع لمعرفة مشاكله وهمومه وعرضها فى برامج عملية واضحة تعكس واقع ومعانات الناخب وبهذا تلامس موضع الوجع داخله وتمسح عليه بيد صادقة لاتبحث عن (ززت إلويش) وتبنى معه ثقة متبادلة حتى يطمإن إليها ويقبل بها بديلا عن القبيلة التى يحتمى بها ويجعل منها حبه ودولته وحتى وطنه وأمته.

فالمواطن ليس مغفلا ولاساذجا وقد أكسبته التجارب الفاشلة فى كثير من الأحبا ن والناجحة مرة معرفة أين يجعل صوته، فدور القبائل لايقتصر على البحث عن السلطة مع أنه من دورها لكن بالطرق السلمية والمشروعة لكن كلما حققت هذه الأحاب نجاحات فى مهامها خصوصا إقناع المواطن وكلما اقتربت منه كلما ضعفت هذه الكيانات العتيقة التى تأبى الهزيمة أو التقاعد على الأقل والمعروفة ب (القبائل) فإضعاف مفهوم هذه الكيانات فى عقل الإنسان الموريتانى وزرع مكانها مفهوم الدولة والولاء لها بالغ الأهمية فى النهوض بالأحزاب فالقطيع لايتسع لأكثر من فحل.

وفى ظل منع الترشحات المستقلة الذى أفضت إليه سلسلة من الحوارات الجزئية قد نشهد زواجا فاسدا غير مكتمل الأركان وقد يتضمن شروطا تنافى القصد من الزواج، هذا الزواج بين الأحزاب والقبائل وقد ينتهى بطلاق بدعى نافذ وصحيح مع حرمته والطلاق هنا سيكون بيد الأقوى من الطرفين من حيث الرصيد الإنتخابى وهذا مالا نتمناه ولانقبل به فكفانى من سيادة القبيلة ونحن دولة قانون. 

0 التعليقات:

إعلان