كانت مكطع لحجار تعاني من العطش وأصبحت تعاني من التعطيش المتعمد |
و عندما ظن نظام الرئيس ولد الطايع أنه
وجد له حلا بحفر آبار تخرج المياه الجوفية، اتضح سريعا أن تلك المياه مالحة، وأنها
تتسبب في داء "الغواتر" وأنها غير كافية أيضا مما اضطر إلى التفكير في
استجلاب المياه الصالحة للشرب من مناطق أخرى. وقد حصلت "الرأي المستنير"
من مصادر قريبة من الموضوع على معلومات هامة، تظهر كيف كاد حلم سكان المدينة
يتحقق، قبل أن تتلاعب به حسابات سياسية ومنفعية ضيقة.
ولد الشيخ عبد الله حصل على تمويل
المشروع
السكان رفعوا شعارات تحدد الخيارت: "اختر وهذا أكيد، بين الماء والتصعيد |
تقول
مصادرنا إنه بعد اتفاق المختصين على أنه لا حل دون استجلاب الماء إلى مقطع لحجار
من بعيد وبالتحديد من ضواحي آلاك، ولأن العطش في المدينة فرض نفسه سريعا كأحد أكبر
التحديات التي تواجه حكومته، فقد اهتم الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله
كثيرا بالموضوع وتقدم بطلب لتمويله من الحكومة الاسبانية في يوليو 2008، أي بضعة
أيام قبل الانقلاب. و قد تعهد رئيس الحكومة آنذاك السيد خوزى لويس زاباتيرو بذلك وتم
الإعلان رسميا عن قبول المشروع ونقلت وسائل الإعلام الرسمية الموريتانية ذلك
الإعلان. وبعد الانقلاب، ولأن التزام الحكومة الاسبانية كان للدولة والشعب
الموريتانيين فقد بادر الاسبان وفاء بتعهداتهم، إلى تعبئة المبلغ المخصص لتمويل المشروع
وأبلغوا السلطات الموريتانية الجديدة بذلك، وحرصوا آنذاك على إبلاغ الرئيس المطاح
به عن طريق سفيرهم في نواكشوط.
ولد
عبد العزيز يطلق المشروع بتمويل ذاتي
إلا أن النظام الجديد، وفي خطوة لا
يبررها سوى نوع من "الحسد" السياسي والنقمة على الرئيس السابق، قرر
تجاهل العرض الاسباني والمبادرة، في نوفمبر 2010 إلى الإعلان عن انطلاق المشروع
"بتمويل ذاتي من الدولة الموريتانية". وتم إسناد إنجاز المشروع في صفقة
بالتراضي إلى الهندسة العسكرية، ليتم بعد ذلك اكتشاف أن المعدات والآليات التي عبأها
الجيش والمواصفات التقنية والخبرات الفنية غير صالحة لإنجاز العمل المطلوب ويتعثر
الموضوع ويتبدد مع تعثره حلم ساكنة مقطع لحجار بنهاية العطش الذي يلاحقهم.
بنت
مكناس طلبت تحويل التمويل الاسباني إلى مشروع آخر
لكن الغريب في الأمر لم يتوقف، تقول
مصادرنا، عند هذا الحد، بل إن الحكومة الموريتانية تقدمت على لسان وزيرة الخارجية
آنذاك الناها بنت مكناس، إلى نظيرتها الاسبانية بطلب لتحويل المبلغ المخصص لمشروع
تزويد مقطع لحجار بالمياه الصالحة للشرب على مشروع آخر، مثيرة بذلك استغراب الدولة
المانحة، لما تعرفه عن أهمية المشروع وإلحاحه بالنسبة للسكان. ما هي دوافع السلطات
الحالية في هذه الخطوات التي تعرض حياة آلاف المواطنين إلى الخطر؟ هل هو حرصها
الهستيري على "الاستغناء" عن كل ما من شأنه أن يحسب لصالح الرئيس السابق
فقط؟ أم أن وراء الأمر، كما يقول الكثيرون، حسابات نفعية وتكالب أركان النظام على
الصفقات عن طريق التراضي والمعاملات التي تتم فيها مضاربات وإكراميات هائلة بعيدا
عن رقابة الممولين وحرصهم على شفافية انجاز المشاريع التي يمولونها؟ في انتظار
الرد على هذه الأسئلة هناك حقيقة لم يعد فيها مراء: أهل مقطع لحجار كانوا يعانون
من العطش منذ عقود وأصبحوا الآن يعانون من التعطيش.
الرأي المستنير
0 التعليقات: