لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

السبت، 10 مايو 2014

للإصلاح كلمة تتعلق بالمسلم الذي ما زال حيا (رأى)

كلمة الإصلاح هذه المرة ستتوجه إلى كل مسلم ما زال على قيد الحياة، وفي نفس الوقت يؤمن بأن كل ما جاء في القرآن حق بمعنى أنه يؤمن بحضوره بعد موته مباشرة أمام ربه طبقا لقوله تعالى: (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون).

فالمسلم الذي يؤمن بهذا المقطع القرآني وغيره من المقاطع القرآنية ويؤمن كذلك أن ساعة هذا المقطع آتيه لا محالة، وأن ما غاب عنه منها وهو حي مثل ما يشاهده يوميا في غيره وهو خروج الميت من بين أهله وماله تاركا وراء ظهره كل ما خوله الله من متاع الدنيا سواء كان مالا أو جاها أو سلطة.

ومعنى توجيه هذه الكلمة للمسلم خاصة لأنه هو الذي إذا أراد له الله الانتفاع بها باستطاعته ذلك.

أما أسباب تعيين المسلم الموصوف بالحياة لتـلقي هذه الكلمة فهو رؤية وسماع جميع المسلمين: سلطات كانوا أو أحزابا أو شعبيين لهذه الفظائع والموبقات التي تقع هذه الأيام على المسلمين سواء كانوا في إفريقيا الوسطى من طرف المليشات المسيحيـة أو من طرف البوذيين في بورما أو جمهورية مصر العربية لفئـات شعب مصر المسلم من طرف سلطات مصر المسلمة: حكومة وشرطة وقضاة.

كل هذه الجرائم التي تقع في هذه الدول للمسلمين على مرأى ومسمع من جميع المسلمين والمفروض أنهم يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون، ومع ذلك لا تتمعر وجوههم عند رؤية هذا التعذيب وذلك الطغيان الذي سببه هو الانفراد فقط بالقوة الدنيوية المحدودة بالوقت والزمان والمكان.

وجميع هؤلاء السلطات المسلمة الساكتـة تـتذرع بقوانين أهل الدنيا وهو التدخل في الشؤون الداخلية للغير هذا إذا فرضنا أنهم ينظرون إلى هذه الجرائم الواقعة على المسلمين بأنها جرائم يدينها الإسلام وأنه بالمرصاد لأهلها، أما إذا كانوا ينظرون إليها بأنها ليست أصلا جرائم أو إذا كانت جرائم فإنها لا تعنيهم، وفي نفس الوقت متمسكين بأنهم مسلمين، فعليهم إذن أن يفسروا قوله تعالى لبني إسرائيل (كانوا لا يتـناهون عن منكر فعـلوه لبيس ما كانوا يفعلون) وقوله تعالى في شأن المنافقيـن (إن تمسسكم  حسنة تسؤهم وإن تصيبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط).

وقوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبدي مرضت ولم تعدني فيقول العبد: كيف أعيدك وأنت رب العالمين، فيقول المولى عز وجل: مرض عبدي فلان ولم تعده أما علمت أنك لو عدتـه لوجدتني عنده..." الخ الحديث، وفحوى هذا الحديث يساوي لو نصرت عبدي المظلوم لوجدتني عنده.

إن أنواع الجرائم الواقعة على المسلمين هذه الأيام أو في أي يوم أو على أي إنسان كان لا تخفى على الله جل جلاله ولا يخفى عليه من قام بها أيا كان ولا من وقعت عليه أيا كان ولا يخفى عليه من أصم سمعه وغض بصره عنها فكل هؤلاء المسلمين الفاعلين لهذا سيتوجه إليهم خطاب الله جل جلاله في قوله تعالى (أسمع  بهم وأبصر يوم ياتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبـيـن) فمعنى هذه الآية ما أشد سمعهم وبصرهم يوم يكونون أمام الله، أما يوم الجريمة فإن الظالمين جميعا في ضلال مبين إما ضلال فعل وإما ضلال سكوت.

أما المشاركون في هذا الظلم بأي تصرف مادي سواء كان قولا أو فعلا أو مالا فإن الله يوجه إليهم أيضا هذا الخطاب (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقـفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون).

والأزواج المحشورون هنا المساقون إلى صراط الجحيم هم المتـناصرون على الظلم بأي أشكال هذه المناصرة.

فالعلماء يقولون: إن كل تهديد في القرآن موجه إلى الكفار يجر ذيله على عصاة المسلمين لينالوا نصيبهم حسب جرمهم.

إننا معشر المسلمين حان لنا أن نخضع لذكر الله وما نزل من الحق ولا نكون (كالذين آتوا الكتاب من قبل فطـال عليهم الأمد فـقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون).

فالله يقول في شأن أهل الكتاب (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبـذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون).

فأي سلطة تصرفت على غير هدي الوحي فقد نبـذت كتاب الله وراء ظهرها. فكثير من هذه الجرائم الواقعة الآن على المسلمين بعضها واقع من غير المسلمين على المسلمين وبعضها من المسلمين على المسلمين هي جرائم يصدق عليها قوله تعالى: (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون).

وهؤلاء المسلمون الصادر منهم هذا الإجرام هم الموجه إليهم كلام الله لعلهم يتـقون أو يحدث لهم ذكرا ، أما غير المسلمين فلا ينتـفعون بالقرآن حتى يروا العذاب الأليم ، كما قال تعالى (كذلك سلـكناه في قـلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم).

ومن هنا أود أن أذكـر المسلمين في مصر والقائمين على ما نرى ونسمع كل يوم من الجرائم من السلطات والقضاة أنهم الآن يسكنون مساكن الذين ظلموا أنفسهم وقد تبين لهم ما فعل الله بهم سواء مسلمين كانوا في أعلى قمة الكفر مثـل فرعون وهامان وقارون وجنودهما.

وسواء كانوا مسلمين قادة لشعبهم المسلم الجميع أصبح الآن حديثا في الدنيا لمن جاء بعدهم كما قال تعالى (وأتبعنا بعضهم بعضا فجعلناهم أحاديث).

فالطاغيان: فرعون وقارون لم يكن بين قولهما: بالنسبة لفرعون (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) إلى آخر الآية.

وبالنسبة لقارون: (إنما أوتيته على علم عندي) فبين كلامهم هذا وقوله تعالى بالنسبة لفرعون (فأغرقناه وجنوده) وبالنسبة لقارون (فخسفنا به وبداره الأرض) ..الخ ليس بين كلاميهما الأول والثاني المدمر إلا زمنا قليلا .

وفي العصر الحالي لم يكن إعدام سيد قطب وزملائه وما وقع في ذلك الزمن من التعذيب لكل مخالف في الفكرة وبين النكسة المدوية المهينة لكل قادة العرب آنذاك إلا سنة واحدة.

وهذه الأحداث كلها من زمن فرعون إلى يومنا هذا يطوي المولى عز وجل النتيجة المترتبة عليها في آية واحدة  (إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ريكم تختصمون).

فأينا يشك نحن المسلمين من عند قابيل وأخيه هابيل إلى اليوم في أن كل من ظلم غيره سيختصمان بين يدي الحكم العدل وعندئذ (فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل اتيـنا  بها وكفى بنا حاسبين).

إن أكبر مصيبة تصيب المسلم هي أن تغيب عنه ساعة اقـترافه للجريمة محدودية قوته وقصر ما بينه وبين الموت مع الجهل الكامل لوقـته.

ومع ذلك يتصرف وكأنه استلم لتوه تأمينا لطول حياته ودوام قوته، ولكونه مسلما زيادة تأمين حياته الأخروية.

فالذي يستمع للرجل الذي يعتبر نفسه قاضيا وهو يعـلن الحكم بالإعدام على مئات الأشخاص في مدة لا يستطيع فيها إلا قراءة أسمائهم يتيـقن أنه من ذلك الطراز من المسلمين الذي ابتـلاه الله بعدم رؤية ما وراء ساعاته تلك إلا بنظارات بيضاء لا تريه شيئا من حقيقة الإنسان ومصيره المحتوم.

إلا أن من يعرف حقيقة الإسلام (ولا تعرف هذه الحقيقة) إلا عن طريق ما جاء في كتاب رب العزة والقوة والكبرياء فعندئذ سيقرأ في هذا الكتاب أن الله أوضح للمسلمين حقيقة الإنسان في آيتين من كتابه وقصة تتـلى على مسامع المسلمين أناء الليل وأطراف النهار مسليا بالآيتين والقصة من آمن به حق الإيمان وجاهد في سبـيله حتى أتاه اليقين.

أما الآيتان فهما قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة  في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تاسوا على ما فاتكم ولا تـفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور).

أما القصة فهي قصة أصحاب الأخدود: تلك القصة التي ذكر فيها  المولى عز وجل مدى طغيان الإنسان ومدى صبر المؤمن على إيمانه.

فهذا الطاغي لم يرضه من الإجرام في التـنكيل بالمؤمنين إلا حرقهم ذلك الحرق المعروف أنه لا صبر عليه وأنه لم يترك المحروق إلا رمادا.

ومع ذلك فإن القدرة الإلهية الحاضرة لم تـتـدخل لإيقــاف عمل هذا الطاغية لا قبل التنفيذ ولا أثـناءه ولا بعـده قريبا في نظر الإنسان للحياة الدنيا بل إن الله وعد هذا الطاغية بعـذاب جهنم ولهم عـذاب الحريق من جنس عذابه للمؤمنين إلا أن عذاب الطاغي في الدنيا بنار الدنيا وعذاب الله للطاغية في الآخرة بعذاب الآخرة الدائم . 

وفي القصة أيضا التي تتـلى على المؤمنين إشادة بفعـل أهل الإيمان وهو صبرهم على الحريق حتى الموت وأنهم لا خلفية لهم إلا مجرد تمسكهم بإيمانهم هذا.

يقول تعالى: (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهـيـد)، ومنه طبعا مشاهدة فعل هؤلاء الطغاة بالمؤمنين.

ورغم بشاعـة هذا الإجرام واستهدافه لمجرد إيمان أصحابه فقد صرح القرآن أن عذاب هؤلاء المجرمين سوف لا يقع إلا على من لم يثبت منهم من هذا الإجرام حتى مات  طبقا لقوله تعالى (ثم لم يتوبوا).

فعلى كل المسلمين أن يغوصو بأفكارهم  في حقيقة الإسلام ولا توجد إلا في أساليب القرآن والسنة الصحيحة ولا يقفوا عند ميراث الأجيال من هذه الحقيقة المغشاة عندهم بأقلام أهل الـدنيا المتعاقبة في أزمنتها المنتهية لا محالة.

وأخيرا أقول لكل طاغية فوق هذه المعمورة ما قاله مؤمن آل فرعون عندما استمع إلى فرعون يقول لقومه (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) فصدع هذا المؤمن  بقوله تعالى (فستـذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) الخ الآية.
محمدو ولد البار

0 التعليقات:

إعلان