|
عبد المجيد ولد ابراهيم كاتب صحفى
|
فاجأني "بارونات " حركة 25 فبراير بحذفي من مجموعتهم السرية على الفيس بوك ، فتدبرت الأمر هنيهة محاولا الوصول إلى تفسير مقنع لدوافعه لكني عجزت عن فك رموزه قبل أن يأتيني الخبر اليقين من أحد الرفقاء بالحركة ممن امتعضوا من قرار الحذف وعبر عن ذلك في تدوينة مقتضبة له على الفيس بوك تحدث فيها عن استنكاره لاعتماد أسلوب الطرد والحظر والتجميد داخل الحركة ، ثم ما لبثت التدوينة المُستنكِرة أن اختفت من على صفحة الرفيق ، ربما خشية من أن يلاقي نفس المصير ويؤكل يوم أكل الثور الأبيض .
بعد محاولاتي الشخصية الحصول على حقيقة القرار المتخذ ضدي أرسل لي أحد الأصدقاء من أعضاء الحركة الجملة الكبيرة الصادرة بحقي من "بارونات " الحركة والتي تقول " سيتم تجميد عضوية عبد المجيد ابراهيم في الحركة ريثما يتخذ فيه قرار نهائي."
فهمت من ما وراء سطور هذه الجملة أن "بارونات " الحركة "الثورية " قرروا التخلص مني بعدما ضاقوا ذرعا بانتقاداتي لموقفهم المُخْجل مما حدث في مصر ، فأعلنوا تجميد عضويتي في الحركة أو طردي منها وحذفي من جميع مجموعاتها .
ما ينقمه "بارونات " الحركة مني أنني طالبت ذات يوم مع أغلبية أعضاء الحركة بإصدار بيان يؤكد رفضها القاطع للانقلاب على الشرعية في مصر ، وهو ما لم يوافق أهواء اثنين من "البارونات " فخاطبونا بلغة استكبارية قائلين "الحركة لن تصدر بيانا في قضية مصر وعليكم توفير الوقت على أنفسكم " ، حينها قررت طَلاق مجموعة الحركة التي نشرت فيها مع زملائي التعليقات المطالبة بشجب ما حدث في مصر ، وولَّيت وجهي شطر حائطي الخاص على الفيس بوك متخذا منه منبرا لرفض موقف الحركة ، ومعتبرا إياه كيلا بمكيالين وإيمانا ببعض الكتاب وكفرا بالبعض الآخر .
وقلت إن حركة 25 فبراير تُكرس قمة التناقض حينما تحاول إحياء ذكرى أول انقلاب عسكري في موريتانيا وتتجاهل أكبر اعتداء عسكري على الديمقراطية في العالم العربي "مصر"...
تؤمن بالنضال ضد حكم العسكر في موريتانيا لكنها تكفر به حينما يتعلق الامر بأكبر اعتداء على رئيس منتخب في أكبر دولة عربية ، حقا إن من البلية ما يضحك !!!
وأضفت حينها ــ وهذا ما زلت أعتقده وسأظل ــ أن تنديد حركة 25 فبراير بممارسات العسكر لا معنى له بعد صمتها المريب عن كبيرته في مصر ...
نزلت هذه التدوينات على "البارونات " نزول الصاعقة فأرعدوا وأبرقوا وفكروا وقدروا ثم اتصلوا بي فرادى وجماعات وطالبوني بوقف التدوين عن موقف الحركة وحذف التدوينات السابقة ، وهو ما رفضته رفضا باتا وطالبت أصحابه بأن لا يدفعهم بغض الإسلاميين للتنكر لمبادئهم التي آمنوا بها ذات يوم وصدَّعوا رؤوس العامة بالحديث عنها ...
حاول "البارونات " تبرير موقفهم المناصر ضمنيا للانقلاب في مصر بأنه شأن خارجي وأن الحركة لا تُعلق إلا على القضايا المحلية ، وكان ردي أن هذا العذر أقبح من الذنب ، فالحركة التي استوردت كل شيء من الخارج حتى اسمها "25 فبراير " لن تقنع أحدا بأنها لا تتأثر بالمحيط ، ولا تقتبس منه .
انصرف البارونات لشأنهم ومضيت لسبيلي مقتنعا بما آمنت به أول مرة ثم شاءت الأقدار أن أحضر إفطار المنسقية المنظم للصحافة فانتقدت فيه أداء المنسقية وطوافها بين مسجد "المغرب " ومسجد " ابن عباس " ودفاعها ــ ربما بغير بينة ــ عن من اتهموا بالفساد من منتخبيها ، وحذرتها من أن تقع في ما وقعت فيه بعض الحركات الشبابية حينما تبنت شِرْعة الكتاب الذي يأمر بالماء ولا يَمَسُّه ، فكانت تلك الكلمة القشة التي قصمت ظهر بعير "بارونات 25 فبراير " ، وحكمت علي بالطرد من رحمتهم ــ لله الحمد والمنة " .
اليوم وقد قرر "البارونات " قطع شعرة معاوية بيني والحركة أقول لهم لقد أسديتم إلي معروفا بفعلكم العظيم هذا ، ووفرتم علي الكثير من الوقت والجهد ، وحررتموني من أغلال كانت تحرجني وتخجلني لأني أرى فيها الكثير من التناقض والأنانية والشخصنة .
أيها "البارونات " إن الشعب الموريتاني قد مَلَّ الجعجعات التي لا طحين لها ، والحركات والأحزاب التي تختصر في شخص أو جِهَة .
ثم إن عبد المجيد ولد ابراهيم لا يشرفه لانتماء إلى أي إطار يضيق ذرعا بالكلمة ، ولا يستطع تمثل قول المتنبي : لا خيل لديك تهديها ولا مال @ فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
إنني مؤمن بأن من يحمل مشروع الديمقراطية يجب أن يكون قادرا على تمثل هذا المشروع على أرض الواقع ، ويبدأ بنفسه فينهاها عن غيها ، حينها "سيسمع ما يقول ويهتدى بالقول منه وينفع التعليم " .
أيها "البارونات " لقد كشفتم القناع عن وجوهكم "الشاحبة " ، وأخطأتم التقدير حينما توقعتم مني المجاملة أو الإيمان بمبدإ التُّقْية ، فقديما قلت لكم "إنني فاشل في صناعة المجاملات ، و مخطئ من ينتظرها مني " .
قصتي معكم تثبت للجميع أنكم تريدون للحركة أن تكون حركة ثورية لكنها تتشبث بالرجعية في ذات الوقت ، مؤمنة بالديمقراطية لكنها لا تقبل النقد ، تناضل ضد العسكر لكنها تناصر الانقلابات ...وبما أنني لا أرضى لها هذا الانحراف ، ولا أقيم على الضيم ، ولا أضحك على نفسي وعلى الناس ، فإنني أنصرف عن امبراطوريتكم قبل "قراركم النهائي " ، لأنضم إلى قافلة المغادرين الكُثُر ولسان حالي ينشد :
إنا إذا بلد نَبَا يوما بنا
حملت لآخر نُجْبُنا أثقالنا
ديداننا أن لا نُنِيط حبالنا
إلا بِأَحبل من يُحب وِصالنا
ويُصيب من صاف العدو عداؤنا
وينال من والى الولي نَوالنـــــا
خُلقا لنا لا صالحين لغيره
خلقا وليس بصالح إلا لنا
وفي الختام أجزم أنكم تدركون أكثر مني "أننا ما كنا ركوبا ولا طحنا " .
عبد المجيد ولد ابراهيم
0 التعليقات: