لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

لبراكنه متضررة من جفاف تعتم عليه السلطات


رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز
الأخبار (نواكشوط) - تعتم الجهات الرسمية في موريتانيا على جفاف بدأت نذره في مختلف ولايات الوطن، وإن بدرجات متفاوتة، بسبب العجز الكبير المسجل في الأمطار هذا العام، والذي خلف مخاوف حقيقية لدى المنمين المزارعين، دفعت بعض المزارعين للهجرة، وتسببت في انخفاض كبير في أسعار المواشي.

وقال عدد من المنمين والمزارعين داخل موريتانيا وخصوصا ولايتي لعصابة ولبراكنة إن واقع مناطق واسعة داخل البلاد، والعجز الكبير المسجل في الأمطار أدى لهجر المزارعين لأراضيهم الزراعية، مشيرا إلى أن عددا منهم أضحى يبحث عن طريقة للعيش ربما عن طريق العمل في المدن.

وأكد هؤلاء أن مظاهر الزراعة غابت في مناطق عديدة من ولايتي لعصابة ولبراكنه بسبب انخفاض مستوى الأمطار فيها، فضلا عن غياب وسائل حماية المزارع في حال وجودها.

وأشار هؤلاء إلى انعكاس الأمر بشكل واضح على أوضاع السكان، حيث تحدث المزارع جمعة ولد تمرنكنت من مدينة ألاك عن "غياب أي مظهر للزارعة لدى سكان منطقة لبراكنه بفعل قلة الأمطار"، مضيفا أن الأمر انعكس بشكل مباشر على مادة "الذرة" والتي بالكاد فقدت من الأسواق في المدينة، في حين وصل مدها خلال العام إلى 600 أوقية.

وقريبا من حديث جمعة يقول المزارع محمد الزين ولد محمود من مدينة كنكوصة بولاية لعصابة وسط البلاد، إن المزارعين في المنطقة عزفوا عن الزراعة ليقينهم "بعدم جدوائيتها في ظل العجز في الأمطار"، مشيرا إلى حالة مشابهة للتي تحدث عنها المزارع جمعة من ألاك، حيث ارتفعت أسعار الذرة إلى 1000 أوقية في المنطقة، وتم الاعتماد على كمية مستوردة من دولة مالي المجاورة.

ولم تكن مخاوف المنمين بأقل من مخاوف المزارعين، فقد تحدثوا عن "انهيار في أسعار الحيوانات"، بفعل العجز المسجل في الأمطار، ويقول المنمي أحمد ولد عبد الفتاح من مدينة ألاك إن ملاك الحيوانات في وضع لا يحسدون عليه، وهم يواجهون نذر سنة تقول كل المؤشرات إنها "لن ترحم ملاك الثروة الحيوانية"، مشيرا إلى انهيار الأسعار بقوله: "في العام الماضي كان سعر البقرة حديثة العهد بالنتاج ما بين 190 إلى 200 ألف أوقية، أما الآن فقد انخفض إلى ما بين 100 إلى 120 ألف أوقية في المفرد، و70 إلى 80 ألف أوقية في الجملة".

تهرب ثم تعتيم
وتواجه السلطات "أزمة الجفاف بالتهرب أو التعتيم" فقد تحدث وزير الداخلية الموريتانية محمد ولد ابيليل أمام نواب البرلمان في الدورة المبرلمانية الماضية، نافيا وجود أي جفاف في البلاد، ومؤكدا أن "الأمر لا يعدو أن يكون نوعا من  التشنيع السياسي، ولعب أحزاب المعارضة بأوضاع السكان المحليين"، وأكد الوزير أن الحكومة على استعداد لاتخاذ كل الإجراءات في حال ثبت حدوث هذا الجفاف"، داعيا المعارضة إلى تجنب "تشويه البلاد من خلال ادعاء أوضاع غير موجودة.

كما كان حديث الرئيس الموريتاني في برنامج مباشر عبر وسائل الإعلام العمومية يسمى "لقاء الشعب" آخذا الوجهة ذاتها، حين تحدث عن أوضاع مطمئنة في الداخل، مضيفا أن المعطيات المتوفرة لديه تؤكد أن الأمطار ستهطل بشكل كاف وربما أكثر من الأعوام الماضية، وكان حديثا جوابا "لصرخات أطلقها منمو ولاية الحوض الشرقي"، واختصرها أحدهم في حديثه لرئيس أن "الأبقار أصبحت عاجزة عن التحرك"، أو بالتعبير الشعبي للمنمي "لبكر امبرك".

معطيات ميدانية:
تشير معطيات ميدانية من الولايتين إلى أعدادا كبيرة من الحيوانات تدفقت على الولايتين خلال الأشهر الماضية، وأن أغلبها واصل طريقه جنوبا في اتجاه دولة مالي المجاورة بحثا عن المراعي.

ويقول المهندس اعل سالم ولد أعمر المندوب الجهوي للتنمية الريفية في لبراكنه في حديث مع الأخبار إن مستوى الأمطار المسجل هذا العام لا يصل إلى نسبة 30% مقارنة مع أمطار العام الماضي، مشيرا إلى أنهم في الوزارة قاموا بمسح شامل للولاية مكنهم من تقسيمها إلى ثلاثة مناطق تبعا للغطاء النباتي وحجم الأمطار المتهاطلة.

ويضيف ولد أعمر أن المنطقة هي:
استفادت من كميات معتبرة من الأمطار: وهي منطقة ألاك باتجاه امبيدنات إلى حدود ولاية كوركل بما فيها مقاطعات امبان وبابابي وبوكي، مشيرا إلى مشكلتها أنها منطقة صغيرة وتستقبل هجرة حيوانية كبيرة.
أما المنطقة الثانية: فهي التي تضررت كثيرا من انخفاض مستوى الأمطار، وتمتاز بالكثافة السكانية والحيوانية، وهي منطقة مال باتجاه كل مقاطعة مكطع لحجار، إلى مدينة أغشوركيت شمال الولاية، مضيفا أن 98% من السدود توجد فيه بنوعيها الخرساني والرملي، مؤكدا أن "هذا المنطقة تضررت كثيرا".
أما المنطقة الثالثة فهي التي تقع على حدود الولاية مع ولايات إنشيري وتكانت وآدارار والتي تعرف بمنطقة "أوكار لبكم، وأكان ولعكل"، ويتوفر فيها غطار نباتي طيلة العام، لكن مشكلتها في انعدام المياه، قائلا إنه في حال تم توفير المياه فيها فستحل مشكلة نوعين من الحيوانات هما الإبل والأغنام، كما ستساهم في الحد من هجرة حيوانات الولايات الشمالية باتجاه المناطق الجنوبية.
وتحدث ولد أعمر عن الأعداد التقريبية للحيوانات في ولاية لبراكنه بناء على إحصاءات حملات التلقيح، مشيرا إلى أنها أعطت الأعداد التالية:
الإبل: 72 ألف رأس.
البقر: 150 ألف رأس.
الغنم: 1.400.000 رأس.
الحمير والخيل: 18.000 ألف رأس.
وأشار المندوب الجهوي للتنمية الريفية في ولاية لبراكنه إلى أن المنطقة تواجه موجة من هجرة الحمير من الضفة السنغالية كل عام، وهو ما يهدد الغطاء النباتي في موريتانيا، مشيرا إلى أن المسح شمل مختلف الجوانب الرعوية والزراعية، وتم بمشاركة مدير البرمجة والتقييم في الوزارة ومدير الاستصلاح الترابي، مضيفا أن خرجوا بخلاصة مفاده أن الغطاء النباتي في المنطقة الأولى يمكن أن يبقى حتى  الشهر الأخير من العام الجاري.
أما المندوب الجهوي للتنمية الريفية في ولاية لعصابة لغظف ولد امبارك فتحدث للأخبار عن "انخفاض كبير في مستوى الأمطار في ولاية لعصابة"، مؤكدا أن عددا من ملاك الحيوانات "نزحوا به في اتجاه دولة مالي المجاورة بحثا عن المراعي"، مضيفا أن "أعلى نسبة من الأمطار تم تسجيلها في مقاطعة كنكوصة وزادت قليلا على 270 ملمتر، ولم تتجاوز في كيفة 188 ميلمتر".

وتحدث ولد امبارك عن "مخاوف لدى ملاك الحيوانات" قائلا "إن انخفاضا كبيرا شوهد في أسعار الحيوانات"، وأنه "شاهد بأم عينيه رجلا باع بقرة بـ 39.000 أوقية، وابنتها وقد أصحبة جدعة بـ45.000 أوقية"، مشيرا إلى أن الأسعار عرفت "انخفاضا كبيرا".

وتحدث ولد امبارك عن الجهود الرسمية في هذا المجال، قائلا: "إنهم بدؤوا حملة تحسيسية للمحافظة على الغطاء النباتي المتوفر، مضيفا أنها "ستستمر طيلة العام"، مشيرا إلى أنها في ظل "ضعف الغطاء النباتي وهو ما سيشكل عبئا على الغطاء الشجري مما دفعهم في المندوبية لبدأ حملة لحماية الغطاء الشجري".

نداء استغاثة...
وفضلا عن الاستغاثات التي أطلقها السكان من مواطنهم، مطالبة للحكومة بالتدخل قبل فوات الأوان، وتأكيدا أن لا بقاء لهم بدون مواشيهم ومزارعهم، أطلق أحزاب سياسية مناشدات للحكومة مطالبة بالتدخل إنقاذ سكان وخصوصا المنمين والمزارعين.

فقد أصدرت أحزاب التحالف الشعبي التقدمي والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"  واتحاد قوى التقدم، والاتحاد من أجل الديمقراطية والوحدة نداءات متفرقة للحكومة اعتبروا فيها أن وضعية السكان في ظلا عجز الأمطار منذر "بكوارث حقيقية"، مشيرين إلى "تجاهل الحكومة للأوضاع المأساوية"، وغيابها شبه الكامل عن "الظروف الخطيرة التي تواجه الثروة الحيوانية ملاكها من المنمين"، إضافة "لمخاطر هجر المزارعين لأماكن زراعتهم ونزوحهم بحثا عن المسكن والغذاء".

0 التعليقات:

إعلان