لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الخميس، 21 أبريل 2011

الكلمة: (حبيبتي المتمنعة)

المرتضى ولد محمد أشفق

فرغت من مطالعة أبواب فــــــي الفلسفة والفكر الإسلامي ، وعشت مــــــــــع الـمتقدمين احتدام معاركـهم الكلامية، ذكرت النص، قرأته، فأيقظ فـي عاطفة نائمة وحلما جميلا كنت إخاله تلاشى فـــي رحاب الأبدية، وابتلعه الزمن مع ما ابتلع من الــــعظماء والأفكار... أنا أحلم كثيرا وأحب كثيرا، لكنني أخفق كثيرا... عشقتها أيام كنت صغيرا، أيام كنت أذوب هياما فـــي صوت المفتش إذ يزورنا فـــي خيمة الفصل، ويغني لنا بصوته الــــــــعذب الجميل: هذا آخر نومنا، هيا بنا، هيا بنا... لا تلمني فــــــــي هواها، أحببتــها صغيرا فغيرت مجرى حياتــي، وخلقتني خلقا آخر، تحديت فـــــــــي حبي لها كــــل شيء... كانوا يريدون منـــــي أن أكون عظيما، وكنت أريد منــــي ما تريد هي، طاردتها، تربصت بها كدت لــها، لكنها كـــــــانت سرابا لا يدرك، أغرتني، وأطمعتني فـــــــي نفسها، ولـــــما اقتربت وراقت لــي الــــــخلوة تأبت، وشردت إلـــى لا مكان، وأدركت وقتها أن الــهجر قد يكون أحلى من الوصال...

 قبل 18 سنة كنت فـــــــــي عز الشباب، طالبا حديث عهد بنيل البكالوريا، حلم العصر، ومفـــــــتاح الدنيا الوسيعة آنذاك، فــــــي المدرسة العليا للــتعليم كنا النخبة الثقافية، وكانت الرومانسية دنيا تغمرنا مــــن كل اتجاه: في البحث العلمي، فـــــي النضال السياسي، ومد التيار الـــــــقومي.. كنا ننتمي إلى هذه الدنيا الـعجيبة بتركيبتها فلا نحس بتضاد، و لا تنافر بين مكوناتها... وكــانت أحداث عظام متلاحقة: كامب ديفد وسلام مصر واليهود، ثورة الخميني، موت السادات، الانفجارات فــــــي بيروت، حين كنا تلاميذ فــــــــــي الثانوية الــعربية واجتياح إسرائيل للـــبنان، وحصار قصر بعدبا، وإخراج الفلسطينيين من لبنان ونحن بعد طلبة فـــــي المدارس العليا فـــي رحلتنا الدؤوب مـــــــــع العلم: من الأسابيع الثقافية (ريح من الجنوب في الجزائر)، إلــــى الأمسيات الشعرية والمطالعات فـي المراكز الثقافية... وفـــي مساكن (لنس) وفيها سجلنا أحلـــى أوقات الحياة: شهدت الجد و الهزل، النوم والسمر والأحاديث الـــــــمتدفقة بمكنونات الــــــــصدور، ووقتـها ما كنا نظن أن الأقدار ستسوقنا إلى هذه الأستذة الهزيلة، لنظل كـــــــــل عام نجتر ما لاكته ألسنتنا مـــن درس: الهمزة المتوسطة, وأفعال المقاربة، والنسبة، والمذاهب الأدبية فــــــــــي القرن العشرين، وقد استسلمنا، وكفر بنا الذين خلقناهم وهديناهم سواء السبيل...

واليوم، وبين خيوط العناكب القابعة فـــــي مدارج المكتبة العجوز المهجورة، والـــــدعابة الرخيصة للعمال اليدويين، وأنين الجرس المسكين الــــذي نجلده كــــل حين، بين هذه الأشياء التـــــافهة يهزل الحب، وتنتحر العاطفة وتتعالى عشيقتي في عالم الشهوق بعيدا بعيدا عن أبناء التراب.



                                               أوراق منسية  
المرتضى ولد محمد أشفق 1998



1 التعليقات:

يبين الكاتب هنا الصعوبات التي تقف بالمرصاد لذوي الملكات ,مشاكل الحياة,والمعيقات الوظيفية,و تصحر الساحة من موجبات الابداع.الخ وقد صدق لكن هل يمكن للاديب ان يئد احاسيسه ويخنقها ولا يتركها ترى النور..الكاتب ينبغي ان يكتب في كل الظروف لانه يبقى دائما اكبر.

إعلان