لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

العاصبة.. سر اشتعال الحرب بين وزير المياه وعمدة بلدية ألاك (قراءة)


حظي قرار الإقالة المفاجئة لعمدة بلدية ألاك محمد ولد اسويدات نهاية الأسبوع الماضي من منصبه الاستشاري في الشركة الوطنية للماء باهتمام لافت في وسائل الإعلام الوطنية كما طغى طيلة الأيام الماضية على اهتمام المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي ما بين ممتعض من القرار الذي اعتبره أسلوبا فجا وصبيانيا يهدف لتصفية الحسابات مع الخصوم المحليين وضاربا المثل بحالات مشابهة سبق وأن أثارت هي الأخرى جدلا واسعا في الساحتين الإعلامية والسياسية بمقاطعة ألاك "إقالة الشيخ ابراهيم"،  وما بين من يراه مجرد إجراء قام به مدير الشركة الوطنية للماء افال انكسالي المسؤول الأول عن الشركة والمباشر لتسيير مصادرها البشرية والمالية ومستغربا الزج باسم الوزير في أمر لا شيء يؤكد تورطه فيه.

بين هذين الرأيين المتباينين يبرز رأي آخر في السجال الدائر في صفحات الفيس بوك ويرى الطرح المذكور ومروجوه أن القرار جاء كردة فعل متأخرة على الرسائل غير الودية التي بعث بها العمدة إلى الوزير وجماعته السياسية من خلال مقاطعته لأول جلسة عمل يعقدها مع عمال الشركة وهي الخطوة التي أعادت إلى الأذهان مقاطعته لأول اجتماع لأطر حزب الاتحاد دعا له الوزير أيضا بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية والبلدية حسب هذا الرأي.

صمت مطبق رغم الاحتقان

وقد أبان السجال الدائر في مواقع التواصل الاجتماعي عن مستوى من التوتر غير المسبوق بين أنصار الرجلين الذين لم يتسرب أي تعليق عن أحدهم بخصوص التطورات الأخيرة ولاذا بالصمت رغم حالة الاحتقان السائدة بين مناصريهم في عاصمة الولاية.

مسار العلاقة

تقول المعطيات السياسية إن العلاقة بين الرجلين بدأت بشكل فعلي قبل أيام من انطلاقة الحملات الدعائية الممهدة للانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة بعد اعتماد حزب الاتحاد لاسم محمد ولد اسويدات كمرشح رسمي لقيادة لائحة الحزب في بلدية ألاك لتضع تلك الخطوة حدا ولوا مؤقتا لحالة الجفاء التي طبعت العلاقة بينهما منذ نهاية العام 2012 غير أن الخطوة لم تنزع فتيل الأزمة نهائيا لتبقى في إطار تسيير مرحلة معينة "فترة الحملة" بدل أن تمهد لشراكة سياسية فعلية وهو بدا واضحا في أول مهرجان مفتوح دعا له ولد أوداع بعد نجاح مرشحي الحزب وهو الاجتماع الذي قاطعه كثيرون وكان ولد اسويدات في طليعتهم إذ رأوا فيه محاولة لتبني ما أنجز أثناء الحملة من مكاسب على حساب المغاضبين.

تقول الروايات المتداولة إن الوزير بإمكانيته الوافرة بعد الانتخابات "إدارة اسنيم" حاول انتهاج سياسة شراء الولاء مع عدد من المنتخبين لتعزيز مكانته السياسية وكان عمدة ألاك في طليعة أولائك بوصفه العمدة المركزي لكن الأخير تمسك بطرحه السياسي المستقل وسعى لخلق شراكة مع الأطر كشركاء سياسيين بمن فيهم ولد أوداع نفسه.


يقدم ولد أوداع عروضا وإغراءات مالية وتثمين في أوساط النظام وتقديم تسهيلات خاصة ويسعى العمدة لشراكة سياسية تقوم على الاحترام المتبادل وتبتعد عن الاحتضان أو الذوابان وترفض الوصاية وتكرس أسلوبا جديدا  يتنافى مع الممارسة السياسية المعهودة وطبيعة النظرة السائدة لدى الفاعلين السياسيين مع القضايا الوطنية بمختلف جوانبها هكذا يرى أنصار العمدة.

يتنكر العمدة لجميل ولد أوداع ويحاول التفرد بمكتسبات كان للوزير الدور الأبرز في صناعتها بالمال والجاه وثقة السلطة اللامحدود هكذا يقول أنصاره هو الآخر وبين الروايتين ينقسم الرأي العام المحلي ووتباين آراؤه

بعد النجاح وأمام رئاسيات 2014

بعد أشهر من انتهاء الانتخابات النيابية والبلدية بدأ التحضير للانتخابات الرئاسية وقبلها الزيارة الرئاسية التي أداها الرئيس محمد ولد عبد العزيز للولاية في الثامن والعشرين من مايو عام 2014 ودشن خلالها منشآت عديدة بينها مدرسة الأشغال العمومية ومصنع الأعمدة الكهربائية، كان المغاضبون ساعتها قد عادوا للتو إلى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وكان الصراع السياسي بين مختلف الفاعلين السياسيين قد بدأ يأخذ منحا جديدا فخلقت ظروف التحضير للزيارة الجو الأنسب لتبادل الرسائل المزعجة بين أطر الحزب الواحد، وترافق ذلك مع نشر تصريحات منسوبة لعمدة ألاك أكد فيها أن الثقة الممنوحة له من طرف الحزب الحاكم لم تكن نتيجة مساع بذلها أي من الفاعلين السياسيين لصالحه ولن يقبل بأن تكون منة من أحد مؤكدا أن جهده سيكرس لكسب ثقة النظام الذي أوكل إليه المهمة وليس لثقة فاعلين في الحزب خصوصا من غير شركائه في الطرح وطبيعة الممارسة، في رد صريح على تصريحات أخرى أطلقها  ولد أوداع في المهرجان الذي دعا له بعد إعلان النتائج مباشرة.

الحرب الباردة

تميزت علاقة الرجلين على مدى العامين الماضيين بما يشبهه حالة الحرب الباردة فانغمس كل منهم في شأنه الخاص حيث انصبت اهتمامات الوزير على بلدية أغشوركيت والصراع مع حلف الرئيس الأسبق المقيم بقرية لمدن منذ سنوات وترافق ذلك مع بدء تشكل معطيات جديدة في الساحة السياسية المحلية وإعلان جماعات سياسية إعادة تموقعها في الخارطة فأعلن الوزير عن عدة أنشطة لجماعات انضمت لحلفه السياسي في بلدية أغشوركيت في محاولة لتوجيه بعض الضربات للشيخ سيدي المختار ولد الشيخ عبد الله كما أعلن العمدة عن تنظيم العديد من الأنشطة والمهرجانات أخذ أغلبها طابعا وطنيا كتخليد ذكرى مؤتمر ألاك قبل عامين وكمبادرة ألاك حول ظاهرة الاسترقاق التي تبناها لاحقا أكثر من 170 عمدة في التراب الوطني فبدا كل من الرجلين مشغولا عن الآخر بطرحه الخاص.

اللقاء الرئاسي يشعل جذوة الصراع من جديد

لكن الساحة السياسية بدأت في الاشتعال من جديد بعد اللقاء الذي جمع بين رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز وعمدة بلدية ألاك في القصر الرئاسي بطلب من العمدة وهو اللقاء الذي نظر إليه ولد أوداع بكثير من التوجس والريبة فاستشعر الخطر وعادت أجواء ومظاهر التوتر للعلاقة من جديد فاستأنف أنشطته السياسية في بلدية ألاك بعد أن ظلت اهتماماته منصبة على بلدية أغشوركيت خلال الفترة السابقة فأعلن عن تجمع سياسي في قرية دار النعيم نظم لإعلان جماعات سياسية انضمامها لحلفه ومن بينها محسوبين على العمدة وآخرين يحسبون على المستشار سيدآمين ولد أحمد شلا فجاء رد سيدآمين سريعا وتمثل في زيارة لمدينة ألاك استمرت لعدة أيام والتقى خلالها بالعديد من الجماعات السياسية لتأكيد وجوده كفاعل محوري ورقما صعبا في المعادلة فيما لم يصدر أي رد عن العمدة.

مجموعة العاصبة "قطرة أفاضت الكأس"

في نفس الفترة كانت العلاقة السياسية بين الوزير وساعده الأيمن السابق الشيخ ابراهيم قد بدأت تنفصم وتبرز خلافاتهما للعلن فحد ذلك من أنشطة الوزير في الساحة مجددا قبل أن يعاود الكرة عبر بوابة مجموعة العاصبة المحسوبة تقليديا على أسرة أهل الشيخ القاضي حيث سعى الوزير لإيجاد شرخ في المجموعة يعطيه مكانة في الخارطة السياسية داخل الحوزة الترابية لبلدية ألاك وقد اشترطت المجموعة تقديم ضمانات لأمور مؤجلة وتحقيق مطالب آنية مقابل كسب ولائها عملا بالقاعة "ما من قائد يكسب طاعة الناس إلا على شرط" غير أن معطيات مستجدة حالت دون تحقيق ذلك الشرط واستطاع ولد اسويدات تحقيق المطلب الرئيسي للمجموعة بشكل فاجأ جميع المتابعين للساحة المحلية فجاء الرد عبر بوابة افال انكسالي سريعا وغير متوقع هو الآخر.

إلى أين؟

سؤال مطروح بطبيعة الحال ولكن لا أحد يمتلك إجابة قاطعة حتى اللحظة غير أن ما لا جدال فيه  هو أن التطورات التي سبقت الإقالة وتلك التي أعقبتها قد صبت زيوتا شديدة الاشتعال على نار فتنة ظلت هادئة نسبيا لسنوات.

ينتهج الوزير وكذا العمدة أيضا سياسة الابتعاد عن وسائل الإعلام وتجاهلها إلا في مواسم محددة غير أن الاهتمام اللافت بخبر الإقالة وتوجيه البوصلة نحو أجهزة الأمن بوصفها المسؤولة عن القرار بفعل ما تضمنته تقاريرها السرية، جعل أصابع الاتهام تمتد نحو الوزير بوصفه يحاول طمس أي أثر له في القضية.

  




0 التعليقات:

إعلان