لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الثلاثاء، 19 مايو 2015

الربيع العربي إلى أين؟ (رأي)

لقد ظن كثير من أصحاب الفكر الضحل والنظرة القاصرة،أن الأمر قد حسم وأن
الثورة العربية قد توقفت عجلتها عن المسير حين ما حيكت المآمرة الدولية
على خيارات الشعوب العربية في بعض الأقطار بواسطة جيوش الظلم
والطغيان، فارتفعت أصوات دعاة الانبطاح من جديد داعية إلى تجديد التوبة
والركوع للانبراطورية الأمركية الهشة، باعتبارها قدرا تستحيل مقاومته فضلا
عن قشعه ودحره .

غير أن هؤلاء لم يدر في حسبانهم أن كل ما حدث ويحدث اليوم ليس ثورة أو
تحرر، وإنما هو باكورة عهد المفاصلة والتحرير الذي لا بد له من تضحياته
وضحاياه على كل صعيد،فالأمة المسلمة كانت مستكينة مستسلمة لجلاديها خلال
العقود والقرون الأخيرة، وهاهي اليوم تدشن عهد التململ والثورة على
المشروع الاستعماري وخططه المدجنة للشعوب .

من ما اضطر الغرب وعملائه إلى التكشير عن أنياب طال ما أخفوها وراء أقنعة
المكر والخداع لكن الربيع العربي أفلح في نزع تلك العصابات والأغطية التي
طالما أرتنا القبيح حسنا، والعدو صديقا، والسم عسلا مصفى .

فهاهم (حماة الحريات ورعاة الحقوق) يسكتون ويتفرجون على ارتكاب أبشع
الجرائم في حق الشعوب المسلمة، وكأن الإبادة الجماعية مشاريع إعمار وتنمية
تستحق الدعم والتشجيع،وأن الديمقراطية ومفرزاتها صارت إرهابا يجب
استئصاله،والقضاء عليه .
بيد أن الثورة المصرية وما أسفرت عنه من أحداث مفصلية، ومآس تحطم الرواسي
فضحت ألائك الأوغاد،وعرت مخازيهم وسوآتهم فهي الفاضحة والمقشقشة حقا
،أحكام بالإعدام على خيرة أدمغة مصر بل والعالم لا لجرم ارتكبوه، ولا لذنب
اقترفوه، سوى أنهم قالوا :ربنا الله ثم استقاموا .

سجون وتشريد وتقتيل ومصادرة لقوم اختارهم شعبهم قادة له وساسة
لأمره بعدما أنهكته السياسات الجائرة التي أتت على أخضره ويابسه وأهلكت
حرثه ونسله تتكالب عليهم سدنة الظلم ورعاة الرذيلة في عالم يدعي حكامه
إفكا وزورا حماية الحقوق والحريات .

وهم من يتصدون الآن للمد الحوثي في اليمن بوصفه انقلابا على الشرعية
الدستورية وتحت يافطة الانتصار للإخوان والجيران .

ألفاظ مطاطية واصطلاحات زئبقية دائرة في فلك الهوى الأمركي
والصهيوني، خدمة لمصالحهم وأهدافهم .

تحالف دولي ضد ما يسمى بداعش في مقابل صمت مطبق على جرائم النصيريين
والصفويين، وتدعا للمشاركة في هذا التحالف المشؤوم دول تدعي المسؤولية عن
أهل السنة، فيهرع القادة إليه مسرعين كأنهم إلى نصب يوفضون
 .
أليس عارا وشنارا أن تشارك الطائرات الحربية العربية في تحقيق الأهداف
الأمركية مستخدمة إياها في تصفية الحسابات مع خصومها وأعدائها، مشكلة من
طيارينا دروعا وتروسا لا غير على نفس الربوع التي تنهال فيها البراميل
المتفجرة على رؤوس النساء والأطفال السوريين .

ألم يستطع ألائك المساكين أن يشاركوا كما يحلو لهم لكن شريطة فرض حظر جوي
على الطيران الصفوي والنصيري الذي يدك البشر والحجر ليل نهار؟ أم أن كل
من يستنشق الهواء العربي أهل للطحن والتهشيم؟ أما آن للأمة المسلمة التنبه من سباتها، والتحرر من قيود التبعية والانصياع، أما سئمت أمتنا ذل الاستلاب والاستعمار،؟ ألم يمض ما يكفي من
الوقت والتجارب الكفيلة بجعل الأمة الإسلامية تعيد لملمة أوراقها، وتغير
فلسفتها في التعاطي مع المحتل البغيض الذي طالما سمته : الآخر نازعة عنه
اسم الكفر والاحتلال .

ومهما يكن من ظلم وتكالب حتى ولو جرت الأنهار من دمائنا فالعاقبة لنا ولا شك .
وما هذه الأحداث التي تتفاعل في المنطقة إلا إرهاصات الملحمة الكبرى الموعودة .

أجل سقطت الأقنعة وانقضى عهد المجاملات الذي انتهبت به الثروات، واستنزفت
به المقدرات .

لكن على فجرة الغرب والشرق أن يعلموا أنها صفحة طويت، وأصبحت في خبر كان .

      أبو طارق محمد ولد الشيخ
  

0 التعليقات:

إعلان