لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الجمعة، 31 أكتوبر 2014

خطاب الزعيم .... (رأي)

الأستاذ المرتضى ولد محمد أشفاغه
أيتها الأمة الغالية.... أيها الموطنون أيتها المواطنات

ها أنا اطلع عليكم من جديد كما كنت اطلع منذ عشرات السنين... ما بدلت ولا غيرت ولم ترسم حوافر الزمن آثار الشيخوخة والوهن على جسمي وعقلي.... أنا هو أنا وإن تعددت تجلياتي وأسمائي ... أنا جميل كالبدر رأته قرون وأمم لكنه ما زال مضيئا يطرد وحشة الليل...

ذات يوم – شعبي العزيز – قررت أن أحكم وأن أنصب على هاماتك عرش مملكة لا تغرب شمسها, فقررت أن أركب أكتافك الوطيئة إلى مبتغاى الكبير....همست في آذانك كهاتف خفي أن تتمزق لتتقطع أوصالك....واستوردت لك النماذج الجاهزة, والأحلام الوردية الخلابة.... وتعاميت عنك وتركتك تنشا وتتخلق.... في أرحام مختلفة... فكبرت ونموت في بيوت القش والصفيح... وفي أزقة الأحياء الشعبية... وفي باحات المؤسسات المدرسية... وتصاممت عن صغار المخبرين ليتركوك توجد وتتمدد عبر خلاياك الصغيرة...

ثم بدا لرقيبي العتيد أن الجذوة التي تحتضنها البيوت السرية قد تصير لهبا  يخشى أن يعم وبذلك ستشكل خطرا حقيقيا على مملكتي وسلطاني.... فأمرتهم أن يغمزوك لتعلم أني مستيقظ... فداهموك في مراقدك, ومزقوا بعض منشوراتك... لكن حياتك  ضرورية لي فأبقيت فيك رمقا ولك أملا....فتسارع امتدادك وترسخت قناعاتك وآمنت بالحرية والعدالة... فقررت أن أدشن فن الوقيعة بين مكوناتك وجماعاتك وهو فن واق من شغب الشعوب.... فتملقتني وأرشدتني إلى مكامن خطر أصدقائك وكنت أمهر وأخلص  من المخبرين السريين...

فأوهنت عزائمهم وأحبطت مكائدهم ... ولما زعمت أنك استأثرت بي جاء دورك لتتناول حصتك من الأقصاء والعقاب فأنا ملول لا أصبر طويلا على فريق واحد ... فقربت من وشيت بهم... تقربت إليهم ذراعا فتقربوا إلى أميالا وقصدتهم حبوا فطاروا إلي.... وفتحت آذاني وحقائبي فاقتصوا لأنفسهم منك.... أنت أيها الشعب قطع شطرنج صغيرة وخفيفة أتسلى بها وأعبث بها وأحركها ذات اليمين وذات الشمال دون رفض أو ممانعة.......

 شعبي العزيز: مارست سياسة المباغتات للولاة والوزراء في أماكن عملهم وكم تلذذت بخوفهم مني وارتعاشهم أمامي وانعقاد ألسنتهم عن الكلام في حضرتي.... فحكمتَ أنني أعدل من العمرين .... ثم وظفت جناحي الاثنين ولعبت لعبة أخرى ذكية فزاوجت بين تنظيمات رومانيا الشيوعية  والقتل وقطع الأيدي باسم الشريعة المحمدية.... فسبحت باسمي وسميتني رحمة مهداة ومهديا كان منتظرا... ثم –شعبي العزيز – اقتنعت أن أسجنك باسم الوطنية ثم أقتلك باسم الوطنية.... فاحتفل بي من رملت نساءهم ومن عذبت أبناءهم .... ....

ثم بدا لي أن الدروس السرية في خلاياك تكوين عقدي منذر بقيام أمة ناضجة, مؤمنة بالقضية... مصممة على أن تكون.... فأشرت على كبار الجراحين السياسيين بإجراء عملية قيصرية لإخراج الأجنة قبل الاكتمال... فأنشأت البلديات باسم انفتاح ديمقراطي جزئ لأجس نبضك وإذا أنت تستجيب بسرعة, وسميتني شيخ الديمقراطيين... ولبيت أيها الشعب الأبي كل مطالبي فحولت المنافسة إلى مصارعة وأنفقت أموالك على  مواطني الفقراء لشراء ذممهم.... وتسليت أنا كثيرا بتلك الطفولة السياسية الساذجة....

أشركت المرأة في الحياة السياسية... وقلدتها الوظائف السامية.... وحاربت الجهل والأمية... ثم نمت قرير الجفن حتى أسر إلي كبير شياطيني بإجراء العملية القيصرية الثانية – أنا أيها الشعب العزيز – رحيم بك لا أحب عمليات الإجهاض القاسية والمؤلمة فقررت الخطوة التالية: سمحت بإنشاء الأحزاب السياسية, فتكاثرت كمظاهرات صينية... وخرجتَ أفراخا لم يكتمل نبات ريشها فأصابتها الضربات الشمسية..... خلعت بزتي العسكرية... ولبست بذلتي المدنية.... وقدمت لك هدية...دمية خشبية, سميتها الديمقراطية...فما أروعني وما أدهاني..

أيها الشعب افتخر بي  فلن ترى عبقريا يفري فريي ....أنا أعظم من الحجاج بن يوسف فذلك يقطف الرؤوس وقد أينعت, أما أنا فجعلتك الفاعل والمفعول به فتعجلت أنت الحصاد قبل الابان وحططت  القدور قبل نضج مافيها وسارعت إلى إطفاء النيران وتجريف الحقول.... وحسنا فعلت وخدمت قائدك الذكي..... توهمت شعبي المغفل أنك تحررت من سياسة البيوت المظلمة... والخطابات المهموسة, ومداهمات زوار الفجر.... وتغنيت بالحرية وخرجت في أحزابك.... غير مدرك أنها آخر رصاصاتي في خاصرة الفكر والقضية.......

كنت أيها الشعب قويا هائلا في تنظيماتك السرية.... كنت توظف نفسك ووسائلك كلها خدمة للفكر النامي في الظلام بواسائل بدائية.... كنت مؤمنا بما تحمل من أفكار وذلك ما أقلقني كثيرا لأنك كنت تعلم الناس اليمان والمبدئية, وتحبب إليهم الإخلاص والتضحية, وترسخ فيهم القناعة والترفع عن الطمع والأنانية.. فتلك مذابح الرجال.. لذلك أقنعتك بثاقب عقلي ومكري أن تتخذ الفكر وسيلة..... فطمعت وهنا أيها الشعب ضعفت... ولو صبرت كان لا بد أن ينضج الفكر ويكبر ويكثر المؤمنون به وينتشر الوعي بين صفوفك وهو ما أخافه كثيرا لكنك أنقذت مملكتي وقضيت على قلقي, فحلمت وأنت يقظان أنك ستأخذ السلطة باسم صديقتي الوفية, وعدوتك الشقية: الديمقراطية.....

ثم أطلقت مواسم الرحلات الكرنفالية, باسم تفقد أحوال الرعية, وكنت أجر معي العاصمة كلها إلى حيث أذهب ومن فرط محبتك لي لم تشأ يوما أن تكدر صفو ضيافتي وانشراح صدري بلقاء المواطنين المؤمنين بقائدهم المنصور, فضربت الخيام التي تفوق في جمالها ونظامها قصور أرقى المدن الأوروبية..... واستقبلني المنعمون وأصحاب النضارة والبجاحة وأخفوا عني البؤساء الذين قصدتهم حتى لا تدمع عيناي رحمة بهم..... أحضرت لي الخيل والجمال والرجال والعلماء والفقهاء والشعراء والنساء والأطفال والقرآن والفقه وطوفانا من الشعر لاستقبالي...

حاصرتني القصائد العصماء طويلة وسريعة وكاملة ووافرة..... فلم يبق في لغة العرب لفظ يفيد
التعظيم والتبجيل إلا جادت به قرائح شعرائك علي... ولم يبق في أمهات كتب الفقه على اختلاف مذاهبها حكم في تقوية وجوب طاعة السلطان إلا ردده علماؤك علي..... طبلت لي وزمرت وألفت وألهت وأقنعتني أنني الحاكم المطلق الذي لا يزول ملكه..... سميتني كاتبا وشاعرا ومفكرا حتى أريتني دكاترتك ونخبك وأساتذتك في التلفاز الوطني يحللون ويستنبطون ويستنطقون الأبعاد الفكرية والسياسية والاقتصادية وحتى - وهذا الأهم- الظواهر البلاغية في خطابات رئيس الجمهورية والحق أنها مرتجلة أمام بعض سكان البادية, لم أتجاوز فيها شكرهم على حسن الضيافة والاستقبال.....

ثم هروبا من روتين انتصاراتي وإخفاقاتك أيها الشعب الكريم استعدت بزتي العسكرية... في لعبة أخرى سميتها مرحلة انتقالية.... فخرجت في احتفالات عفوية, جابت كل الشوارع والمدن الداخلية... ولم تنتبه أنني في أقنعتي التنكرية... وصحت كالطفل البريء عاش صاحب الطلعة البهية.. أهلا بخليفة خير البرية....

واعلم أيها الشعب الكبير أنني بما وهبت لك من حريات قضيت على نضج أفكارك... فالأحزاب خراب الأفكار... ألم تتحول الأحزاب إلى أعمال مسرحية أشرفت أنا على إخراجها وأعطيت كتاب النصوص الأصلية أدوارا ثانوية.... ودسست فيها قطعانا من الكومبرسات فداسوا على مفكريك فصفقوا مع المهرجين ثمنا لتذكرة القطار.. ما ذا حصل أيها الشعب العظيم؟

أدخلتك في جوقتي المسرحية, ومثلت ما استحفظت من أدوار بمهارة وعبقرية.... فأنا الذي قررت لك دورك معارضا أو مواليا أو مستقلا... تلك مسوح منتهية الصلاحية وزعتها عليك حسب هواياتي وأمزجتي العصبية.... فشغلتك عن الشعب, ومصالح الشعب, وأبعدتك عن مبادئك النقية, بمطاردة أحلامك الغبية... ثم لعبت معي لعبتي الذكية, فألقمتك طين سفح الهزيمة وقزمتك حتى لا ينخدع الأبرياء البسطاء بمعسول كلامك, قبلت بسذاجتك أن تترشح معي إلى كرسي وصلت إليه على ظهر دبابة لا ينحني وفرقة مدفعية...

شكرا لك أيها الشعب فاستجبت وأنقذتني من الأحادية, وسياسة الحزب الواحد الرجعية... أهدرت أموالك في الحملات وطفقت تلعن أمير المؤمنين في مهرجاناتك الجماهيرية, وفي وسائل الإعلام الوطنية.... فاغتر الشعب وظن أن تلك تباشير فجر الحرية.... آه أيها الشعب وأنا أتسلى -وتارة أشفق عليك- وزعت عليك جرعا قوية ومخزية, من أرقى مقادير الإخفاقات السياسية ك 1% و3%. و7% فتقيأك الشعب وآمن أني الواحد القهار...

شكرا أيها الشعب لولاك كانت نجاحاتي مهزلة عبثية, فأنا لا أحب النجاح بنسبة 99.99% ولا حتى 60%... فتلك أمارة الاستبداد والدكتاتورية....

أطلقت يديك تصول في أموال الوطن فشربت البحر وأكلت الرمال والسهول باسم المشاريع الوهمية, والتعاونيات النسوية... والمنظمات غير الحكومية.. والمبادرات الإنسانية.... ولدواع أمنية... ومهام سياسية... وأشياء أخرى كثيرة لم أدري ما هي لأنسج منها حبال مشانقك أن سولت لك نفسك يوما أن تقول: لا, فبنيت القصور في مهامه الصحراء وملأت الأودية إبلا وشاء وضاقت حساباتك  بالأموال غير الشرعية....

شرعت لك الصحف بلا رقيب, والمواقع الالكترونية, كالحصى تقيء فيها كل وقت سخافاتك.... وأنا أطرب لما يسيل عليها من أبوال أقلامك فهي تدعو لي وتمجدني بابلغ البراهين والحجج القوية...

 أليس تأكيد المدح بما يشبه الذم من أساليب البلاغة العربية ثم انظر أيها الشعب وتعلم من دهاء قائدك المظفر لقد ساويت بعدلي بين كبار زعموا الشعب قرأهم مع الأبجدية  وصغار لم يتجاوزوا سن المراهقة السياسية وتكافأت أحزاب جبلية وأخرى مجهرية لاتدركها العيون البشرية  فأجلستهم في ندية، آه يا لها تسلية...

وأخيرا اسمع مني أيها الشعب العظيم هل تعلم أن المعارضة حقيقة هي داعمتي الأصلية وهي الشهادة لي بأني حامي الديمقراطية وصاحب الشرعية الأبدية وكلما نادت ضدي سجلت لي من حيث لا تعلم نقاطا أعلوا بها إلى شرفات الشهرة العالمية في توفير حرية الرأي للرعية فلها مني خالص الود والتحية، أما الموالاة فما هي إلا معارضة جبانة تمارس سياسة التقية......

أيها الشعب لقد جعلتهم جميعا يتصارعون بلا قضية فمتى يدركون أن الوطن هو القضية...؟؟؟؟؟


1 التعليقات:

خطاب الشعب............

أستاذنا الكريم لقد تحاملتم في هذا المقال علي الشعب بكل مكوناته معارضة وموالاة, لقد وصفت الشعب بالغباء والمعارضة بالشقاء والموالاة بالكذب والنفاق.

لقد تحاملت عل جميع الأنظمة التي حكمت موريتانيا مع استثناء ضمني واحد علك تشير فيه الي الرئيس السابق سيد محمد ولد الشيخ عبد الله.

لقد كان الرئيس السابق بحسناته في الحكم حسنة من حسنات النظام الحالي.

أستاذنا الفاضل, لقد أصبح الشعب علي مستوي من النضج والوعي فهو يميز الخبيث من الطيب يستبين الطريق بدون دليل فالشعب هو من يحرس النظام والزعيم, لقد برهن علي ذلك في كل المناسبات بما فيها الانتخابات.

أيها الزعيم تقدم فالشعب يدعمك ويساندك لقد برهنت أيها الزعيم أنك مع الشعب وسيظل الشعب يبرهن لك علي المحبة والتقدير...أيها الزعيم

محمد ولد حمود.......شاب من شباب أغشوركيت يدعم النظام

إعلان