لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الأحد، 16 ديسمبر 2012

نحن نريد وزيرا...(رأي)

الدكتور: محمد ولد اممد

إن حديث الساعة اليوم بين الأطباء الموريتانيين هو عن عزم وزارة الصحة استجلاب أطباء من الخارج وكأن مشاكل الصحة اليوم في بلدنا هي المصادر البشرية.!!!

إلا أن الجميع يعلم أن قطاع الصحة اليوم يشهد فوضى وفسادا و ركودا لم يسبق له مثيل في تاريخ الدولة الموريتانية رغم ما أعطي القطاع من اهتمام وما بُذل من مجهودات جبارة في السنوات الثلاثة الأخيرة من اقتناء أحدث الأجهزة والمعدات إلى بناء وترميم المستشفيات المتخصصة في العاصمة وفي داخل البلد, وكذلك محاولات تنظيم الصيدليات ومراقبة دخول الأدوية ومضاعفة ميزانيات التسيير للمؤسسات الصحية... إلا أن الواقع اليوم شيء آخر والقطاع منهار تماما وإليكم أمثلة واقعية ومُعاشه وملموسة على ذلك الانهيار:

-         تم قطع الاتصال والتنسيق بين المستشفيات والوزارة وأصبحت المستشفيات تحت رحمة المديرين مما تسبب في تدني الخدمات والنظام في الكثير منها، وكذلك عزوف الأطباء والمرضى عنها, فمثلا عند ما تزور مستشفى الأمومة والطفولة تجد أن مئات الإستشارات المسجلة هناك قامت بها القابلات والممرضون وهذه هي قمة إهمال الأمومة والطفولة والتلاعب بها في مستشفى متخصص ومليء بالأخصائيين.

-         تم كذلك إهمال مراقبة وتفتيش جميع المراكز الصحية مما أدى إلى نفاد رأس مال جميع صيدليات هذه المراكز، وانتهاء صلاحية الأدوية الموجودة بها وتعطل الكثير من المبردات وفساد مواد التلقيح الموجودة بها مما تسبب بكثير من المشاكل للمواطنين.

-         سوء إدارة المصادر البشرية من طرف الوزير, حيث أدخل إلى نواكشوط أغلبية الأطباء ومن أغلب الولايات الداخلية (ليتمكن من إدخال أقاربه) مما جعل الأطباء الباقون في الداخل يدخلون إلى نواكشوط اقتداءَ بأقارب الوزير، الشيء الذي تسبب في تعطل الخدمات الصحية في الداخل، وتكدس الأطباء في العاصمة، وخير مثال على ذلك المستشفى الجهوي بألاك حيث مدير المستشفى قريب الوزير غائب عن عمله منذ سنة، ولا يأتي إلا ليستلم الميزانية حيث يتقاسمها مع المدير الجهوي وهو أيضا قريب الوزير، ولا يأتي إلى مكان عمله أيضا إلا في المناسبات المماثلة.

ولذلك لا يمكن القول إن هناك نقص في المصادر البشرية ما دمنا في هذه الدوامة من الفوضى والفساد والمحسوبية.
شهد السوق الوطني في الفترة الأخيرة فوضى عارمة في انتشار الأدوية المزورة، وذلك بعد ما رأت عصابات التزوير تخلي وزارة الصحة عن واجبها في هذا المجال وإغفاله تماما, فأصبحوا يصولون ويجولون بدون أي رادع، وقاموا بفتح عشرات محلات بيع الأدوية مما انعكس على صحة المواطن وأدى إلى ظهور الكثير من الأمراض الخطيرة والغريبة، أما في ما يخص استجلاب الأطباء من الخارج فالفكرة مبدئيا سليمة بل وجيدة جدا جدا، ولكن يجب أن تسبق بالخطوات القانونية التالية: استدعاء عشرات الأطباء التابعين للوظيفة العمومية, والذين لا يقدمون أي خدمة عمومية وعملهم مقتصر على المجال الخصوصي.

استدعاء عشرات الأطباء المحولين إلى المستشفيات في نواكشوط والداخل والذين لم يلتحقوا قط بمكان عملهم ويزاولون العمل الخصوصي تحت تغطية من الوزارة ومن مديري المستشفيات المحولين إليها.
بعد ذلك يتم إحصاء الأطباء الوطنيين وإعادة توزيعهم بطريقة عادلة وشفافة يرضى عنها الجميع لأن القانون يجب أن يكون فوق الجميع.

وأخيرًا يجب أن تعلم الوزارة أن هناك أيضا عشرات الأطباء الوطنيين الذين قدموا خدمات جبارة رغم قلة الرواتب وضعف الإمكانيات المادية، وقد صبروا على تلك الظروف الصعبة من أجل الوطن والمواطنين ولذلك ليس من العدل والإنصاف، وليس مقبولا, بعد تحسن الظروف المادية للبلد أن يُستجلب طبيب أجنبي يحمل نفس الشهادة التي يحملها الطبيب الوطني ثم يكون الوطني أقل راتبا من الأجنبي.

وانطلاقا مما سبق لا شك أنك أخي القارئ تشاطرني الرأي بأننا في أمس الحاجة إلى وزيرا للصحة يسهر على صحة المواطنين ويحافظ على مكتسبات القطاع ويعمل جادا ليلا ونهارا على تنفيذ سياسة محكمة لحل هذه المشاكل العالقة وغير القابلة للتأجيل.

0 التعليقات:

إعلان