لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الثلاثاء، 17 مايو 2011

عبد القادر ولد الناجي في ذمة الله

المرحوم عبد القادر ولد الناجي
غيب الموت طودا شامخا شريفا صادقا مناضلا أبيا ضحى من أجل موريتانيا وقاتل دفاعا عن أرضها وسيادتها ورفض أن يساوم أو أن تتلوث يده بالمال العام ، إنه المناضل والرجل الصادق عبد القادر ولد الناجي الذي جاد بأنفاسه الأخيرة صباح أمس الاثنين بعد معاناة طويلة مع المرض، فألف رحمة على روحه وألف تحية لعمره الذي قدمه خدمة لأمته ولقضاياها العادلة.

 وتتقدم "ألاك كوم" بتعازيها القلبية لأسرة المرحوم وعائلته ولكل موريتانيا، متمنية الرحمة والغفران للفقيد، والصبر والسلوان للأسرة الكريمة، ولكل محبي ومعارف المناضل والحقوقي عبد القادر ولد الناجي.

عندما تتجسد المبادئ في رجل..

 رجل آمن بأمته وحمل همها في قلبه فرح لإنتصاراتها وتجرع مرارة هزائمها وانكساراتها ، وظل ثابتا كالطود الشامخ رافضا أن يهون حينما هان الجميع ، إنه عبد القادر ولد الناجي القومي العربي الصادق الذي ظل يجسد مع جيل من الرجال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر أسمى معاني الشرف والنبل.

ولد الرجل المقاوم
في 10 أكتوبر 1944 وتلقى تعليمه الأساسي في العيون وتعليمه الإعدادي في أطار ، أنخرط الفتي اليافع في العمل الشبابي فأسس ناد يا ثقافيا في أطار وبدأ يقاوم الإستعمار ويدافع عن الهوية ، فخرج في المظاهرات وكان قائدا لها مطالبا بالتعريب وتأميم ميفرما والتخلص من رواسب الإستعمار ... التقى الرجل المناضل بمناضل آخر هو الشاب سميـدع ليشكلا رأس حربة للتصدي للرجعية والإستعمار، ولأن الرجل يحمل هم أمة تتقاسمها الأوجاع والمحن كان لزاما عليه أن لايترجل وأن لايرتاح ، غادر الشاب مرابع صباه متوجها لدمشق العرب حاملا هموما بقدر أحلامه فخلفه منكب برزخي يقسمه المستعمر وأمامه مشرق عربي تتكالب عليه قوى الظلم .

أول ما وطئت قدماه أرض الشام قرأ بقلبه قبل بصره "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" كان هذا الشعار يكفي عبد القادر ليخوض به معركة كبيرة هي أولى معاركه في سبيل الوحدة، فقد طلبت منه إدارة الأمن السورية مراجعتها خلال 15يوما ولم يراجعها، فأمسكته الشرطة وسلمته للقضاء واتهموه بمخالفة قوانين البلد لكن عبد القادر صاح فيهم بأنه عربي وقادم من بلد عربي وفي آخر عربي، ليخرج منتصب القامة مرفوع الهامة منتصرا في أولى معاركه القومية ضد التجزئة والتقسيم وضد سايكس بيكو.

رحل عبد القادر من دمشق إلى بغداد ليؤسس أول رابطة للطلبة الموريتانيين في العراق وظل يدافع منها عن هموم الطلاب وعن أحلام ومشاكل الإنسان العربي، استهوت المؤسسة العسكرية الشاب المناضل فالتحق بالكلية العسكرية سنة 1973 ليتخرج ضابطا في سلاح المدرعات في نفس الفترة اندلعت حرب الصحراء وبقدر ما عانى الرجل من نزاع الأشقاء وحرب بين الأهل، إلا أنه أعتقد أن الواجب الوطني يملي عليه الدفاع عن بلده فقرر المشاركة في الحرب، وقاد معركة تورين ومعركة ازويرات التي أصيب فيها بجراح وظل في الخطوط الأمامية حتى وضعت الحرب أوزارها لكن معارك الحق لا تتوقف، وأحلام عبد القادر بأمة عربية واحدة لا حدود لها.

قام الضابط العروبي بفتح أول قسم بالعربية للجنود الموريتانيين بعد طول ظلم ومعاناة مع الفرنسية التي فرضها المستعمر وأذنابه وبدأت المؤامرات تحاك ضد الرجل ليعتقل سنة 1984 ويوضع تحت الإقامة الجبرية في قرية "العزلات" [موطن أسرته] لكن الرجل لا يرتاح أبدا حيث أسس هناك تعاونية زراعية أسماها "الوحدة" كي لا تغيب الهموم العربية عن باله.

استمر عبد القادر في نضاله وتضحياته الكبيرة من أجل الشعب الموريتاني ومن أجل الأمة العربية فنشط في كافة المناسبات مدافعا عن الإنسان العربي في كل مناسبة قومية كان حاضرا فيها، وكان دوره الإنساني كبيرا حيث عمل في الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان ودافع عن الزنوج في أحداث التسعينات ووقف مع نضال المطالبين بنبذ الرق والعبودية، وأسس جمعية وطنية للدفاع عن اللغة العربية كلغة لأهل هذه الأرض .
إنها باختصار مسيرة لحياة رجل اختزل قصة كفاح أمة وجسد مع رجال رحلوا وما ترجلوا ملامح نضال خالد وصادق، هذا هو عبد القادر ولد الناجي الرجل الذي عاش لأمته ولأفكاره ولمبادئه ورفض طول عمره وطول خدمته العسكرية والمدنية أن يمد يده لقوت الشعب الموريتاني، وانتهى به المقام في بيت في حي نائي في نواكشوط سرعان ما باعه ليسافر بثمنه إلى بغداد أثناء العدوان الأخير مدافعا عنها وعن أحلامه في الوحدة والتحرر ومجابهة الطغاة.

واليوم [يرحل المناضل عبد القادر عن عالمنا بعد أن عاش] مواصلا معركة الشرف في سبيل الأمة وقضاياها العادلة مقدما مثالا حيا وصادقا لرجل نظيف في بلد قليل من أهله من لم يتلطخ بالمال الحرام، [بعد أن عاش] منسيا في وطن دافع عنه وسالت دماءه من أجله فلماذا ننساه؟ ولماذا نظلمه؟
إنها ضريبة الصدق مع النفس أيها المقاتل الشريف وضريبة القيم والمبادئ السامية أيها الرجل العظيم، ضريبة دفعها عبد القادر مرات ومرات... وسينصفه التاريخ ويحكي عنه بكل كبرياء وعن جيل من القوميين ماتوا وما وهنوا وما ضعفوا.

محمد المختار ولد الحسن

0 التعليقات:

إعلان