لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الاثنين، 28 مارس 2011

الديمقراطية المحنة:(1)


المرتضى ولد محمد أشفق
كانوا صغارا يكتفون بالفتات وما يأنف الكبار عن حمله من رخيص المتاع  لصيق الارض.. يخرجون إليه في العتمة ويعودون بأجربة ملئت حشفا ومزعا متسخة وسرجينا وتارة بأرجل الصراصير.

كان دورهم التفرج من بعيد وترديد عبارات التمجيد الزائفة.. أما الغنائم وشرف الانتصار فللكبار، والصَّغار- بفتح الصاد - فللصغار..

في الصباح تحدث معركة ضروس تستخدم فيها السكاكين والقواديم مع حركات متقنة من سواعد مفتولة لرجال أشداء...الضحايا قطعان شاء وإبل وبقر.. تنقل أخيرا بعد عملية الفتك والتقتيل إلى قبورها.. القبور هي بطون الناس.. عندما يخيم الليل يأتي دور الأبطال الصغار... كلاب سائبة وقطط  تلتقط ما استقذره الجزارون.. وكم هو ضحل ما يتعفف الجزارون عن حمله وبيعه.

هناك جزارون آخرون يبيدون قطعانا ليست من الشاء والإبل والبقر.. هي قطعان آدمية... وهناك دواجن صغار ليسوا من الكلاب ولا القطط السائبة.. بل من ولد آدم... يظهرون في مجازر السياسة أول أمرهم
ملثمين، مقرين أن عملهم حقير وأهدافهم وضيعة، لذلك احتاجوا إلى الليل والهمس والأقنعة التنكرية.. ففي الناس بقية أخلاق..

وعندما يشتد لهيب المعركة، ويكثر الضحايا و الغنائم.. يتدفق لعاب الشهية مدرارا وتسيل أودية وبطاح بقدرها.. ويتزاحم الناس الساق بالساق والمنكب بالمنكب والضرس بالضرس لا ليرصوا صفوفهم في الصلاة ولا ليقبلوا الحجر الأسود... هنا يحتاج الكبار إلى الصغار في المعركة فيشرعون لهم حق التطفل من قريب لكن بشرط قاس!! لا بد أن يخضع كل الصغار لعملية خصاء حتى ينسوا أنهم كانوا رجالا ويسخروا من مهزلة الشرف والشهامة... ثم يسمح لهم أن يدخلوا خدور الحسناء دون أن يؤذوها.

بعض الكلاب والقطط الداجنة لم تعد تتجشم السرى إلى المجزرة البعيدة ففي ما يبقى على الأوضام مما يأباه المشترون بل ما يفوق حاجتهم ما هو أغلى وأطيب وأقل كلفة... الصغار أيضا فاقدوا الرجولة أصبحوا يرفضون أن يصنفوا مع غير أولي الأربة من الرجال فقد اكتنزوا لحما وطبقوا شحما والزمن أصبح أكثر رداءة والقيم أشد ضعة... لكن فعل الذبح الذي مارسه عليهم الجزارون السياسيون جعل نصيبهم لا يتعدى الفتات الملتصق بأفرشة الطعام... حبات أرز وقطع لحم ممصوصة وعظام مهشمة استعصت على أضراس الكبار... هل نسوا أنهم كانوا يصطرعون عليها حبوا على الركب والمرافق وزحفا على البطون لأن قاماتهم تعودت حالة الانبطاح...

وذات يوم حمي الوطيس ووجه الكبار سلاحهم إلى بعضهم... وبطشت سكين الجزار السياسي بكرش منافسه، فتدلت الأقتاب وما حوت الحشايا من الشحوم... وإذا صغار الأمس يتدافعون ليأخذوا مواقع أشد هبوطا... فسمح لهم أن يكونوا دروعا بشرية وأجساما مفخخة فاحتاجوا إلى وقود يتناسب وحجم الحركة... إلى علف زائد... فصار لهم أن يتلقوا الكدمات والصفعات والبصاق على الوجوه ونتف اللحى... ثم تلبد الفضاء السياسي بغيوم أقتم وتحركت الأعاصير والزلازل... وبعد أن هدأت الطبيعة واستوت السفينة في قعر المستنقع تشققت الأرض عن أولئك الصغار في شكل مخلوقات مشوهة يقتلها الضوء وتختنق بالأكسيجين.. ولهث الجميع في حمارة القيظ وصبارة القر والقوا كل الأقنعة التنكرية فما عادوا بحاجة إليها ولا إلى  الليل والهمس... لهثوا وراء العجوز القبيحة وعقدت أنكحة سياسية بين المحارم ودون انتظار لاكتمال العدد ففي الفقه سعة وفي الفقهاء انفتاح و سماحة... حاولوا تلميع الهدف... حاولوا أن يجعلوه نبيلا لكن الصورة ظلت معتمة فالعروس لا يبني بها إلا الخصيان... عاد الكبار إلى مدارج لم يتجاوزوها أصلا، إلى طفولتهم السياسية.. أما الصغار فحاولوا استنبات لحاهم لكن أثداءهم كانت تتدلى.
                   
                                                                                                          

2 التعليقات:

يا ليت السياسيين ...يسمعون .أو يعون ..أو حتي يأكلوا ويتركون مافضل عنهم كما تفهل البهائم..بل مابقي بعد
إيعدلو به حمل ..

إعلان