لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الخميس، 3 ديسمبر 2015

للإصلاح كلمة: تتعلق بحداد اللغة العربية في يوم الاستـقلال (رأي)

كلمة الإصلاح هذه المرة تقوم كعادتها كل سـنة بمناسبة الاستـقلال بتجديد لباس الحداد لهذا اللغة التي يمر عليها يوم الاستـقلال وهي في حزنها وكآبتها من موقف مواطنيها من إهانتها وعـدم العمـل بها في وطنها.

ويلاحظ أن اللغة العربية لا تسمى يوم 28 نوفمبر بعـيـد الاستـقلال ولكن تسمية يوم الحداد كما يظهر أن اللغة العربية لاحظـت هذه السنة أن لباس الحداد الذي تـلبسه كل سنـة بمناسبة الاستـقلال لاحظـت أنها تـفعـل ذلك في غير محـله.

فـلباس الحداد تـلبسه المرأة عنـد وفاة زوجها ولا تمكـث فيه إلا أربعـة أشهـر وعشرا وبعـد ذلك تبـدأ تستـعـد وتـتـهيأ لحياة ربما تكون أحسن من الأولى إلا أن اللغة العربية في موريتانيا بما أن أسباب حزنها وكآبتها لا تجـد لها أي تغـيـير علمت أنها تـلبس لباس المفقود زوجها وليس ميتا والمفقود زوجها لا تـتـهيأ ولا تستـعـد لحياة أخرى إلا بعـد موت جميع أقـران زوجها والشخص قـد يعـيش مائـة سنة فعـلى اللغة العربية أن تعـلم أنه مضى من أعمار أقـران زوجها 55 عـاما فقط وعـليها أن تـنـتظر 44 عـاما أخرى قادمة لعل الله أن يأتي بأمر من عـنده.

وهذه اللغة عندما تسألها عن اسم هذا المفقود تصرح بأن اسمـه (الوطنـية) وأن رجوعه في الزمن المنظور ميـؤوس منه لأنها كما تـقول كل ما أطـل رأس يحمـل ولو جزءا قليلا من الوطنية يجد أمامه الخيانة جاهـزة عـند بعض المواطنين والضعـف والاستـكانة جاهزان عـند المفـكر في إظهار ذلك الجزء البسيط من الوطنية ويبدأ هجوم الخيانـة على الضعف والاستـكانة فـتــنصر الخيانة وتعود حليمة إلى عادتها.

فهؤلاء الحراس الذين يتـكونون من هذا الثلاثي: الخيانة عند البعض والضعف والاستـكانة عـند البعض الآخر هو الذي جعل رجوع ذلك المفقود وهو الوطـنية ميؤوس منه.

وهـنا تـقول اللغة العربية أنها أثناء هذا الإبعاد وذلك الحرمان بالسماح لها في الحياة في وطنها كلغـة رسمية أسوة بدول العالم التي توجد فيها لغـة مكتوبة تـكون هي اللغة الرسمية الوحيدة لشعبها مثـل: النشـيـد والعـلم الوطنيـين وسائر المميزات التي تخص كل وطن وحده عـندما تذكـرت ذلك ذهبت تبحث عن أي وثيقة تدلي بها للدولة لتأخذ بها حقها المكـتـسب على شعبها فعـثرت على أن الدولة الموريتانية سنة 1992 أصـدرت دستورا وكـتـبت فيه بالنص ما يلي المادة (6): اللغـات الوطنـية هي: العـربية والبولارية والسونكـية والولفية، اللغة الرسمية هي العربية.

وعـندما قـرأت هذه المادة ارتاحـت لها نفسيا أشـد الارتياح لفهمها أنها كتبت بعناية فائقة وذلك يظهر من عباراتها البلاغـية حيث جـاءت اللغة العربية هي الأولى من اللغات الوطنية فعندما أرادت خصوصية ترسميها جاءت بالضمير المنفـصل الذي نص أهـل البلاغة على أنه يدل على الحصر فجاءت العبارة اللغة الرسمية هي العربية بمعنى أن لا لغـة رسمية في موريتانيا إلا اللـغة العربية لكن مع الأسف بعد كتابة هذه المادة ظهر أن المقـنن جاء بها لا لإهانة اللغـة العربية وحدها بـل لإهانـة الجمهورية الإسلامية الموريتانية ولجميع مواطنيها فالوثيقة الواردة فيها هذه المادة تسمى الدستور والمعروف أن الدستور هو أعلى وثيقة قانونية في الدولة وأقـدسها وعـندما لم يتـم احترامه من السلطـة التـنـفيذية نفسها فـمعنى ذلك أن لا قانون في الدولة محترم.

ومن هنا تـلفت اللغـة العربية رئيس الدولة على مـا يلـي: إن هذا الدستور الذي كتبت فيه المادة (6) أعـلاه وصوت عليها الشعب من ضمن الدستور هو المكـتـوب فيه ما يلي: المادة(24): رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وهو الذي يجسـد الدولة ويضمن بوصفه حكما السـيـر المضطرد والمنـتـظم للسـلطات العمومية وهو الضامن لاستـقلال الوطن ولحوزة الأراضي.

وفيه أيضا المادة (30) فـقرتها الثانية: يعـين الوزير الأول وينهي وظائـفه.

كل هذه المواد الدستورية منـفذة بحذافيرها حرفا بحرف إلا هذه المادة (6) من الدستور التي تعنى جعل اللغة العربية هي الرسمية الوحيدة في البـلد والمنفذ منها هو إزدراؤها وإهانتها. فجميع العاطلين في الدولة والبالغ نسبـتـهم في الدولة 35% هم من حملة الشهادات العربية وأكثرها الشهادات العـليا، فكـل من يحمل الشهادة الابتدائـية أو الإعـدادية الفرنسية أو أي لغـة أجـنبـية هم منخرطون في سـلك العمل إما في القطاع العام أو الخاص مثل: الشرائـك العمومية والخصوصية والسفارات وعـيادات الأطباء والمدارس الحرة الأجنبـية وحتى الوطنية لا توظف في إداراتها إلا المتـفرنسين الذين لا يحملون إلا الشهادات السفلى من الدراسة الفرنسية، وما ذاك إلا أن الدولة الموريتانية لم تأخـذ الآن أي قرار يحتم تعريب الإدارة على جميع التراب الوطني، لأن الإدارة هي مكان السيادة في الدولة، ونظرا لذلك فإن موريتانيا لم تسترجع سيادتها من يوم استـقلالها وحتى الآن.

ومن المبكي غير المضحك من الإحباط أن تـزور جميع مكان السيادة في الدولة فلا ترى فيها عاملا حقيقة إلا أصحاب الشـمال.

فمن عـند الكاتب الخاص للوزير إلى مدير ديوانه إلى الأمين العام للوزارة وحتى تصل إلى السيد الوزير نفسه الجميع تجدهم من أصحاب الشمال حتى ولو كان الوزير لا يكاد يفقه قولا من الفرنسية تجده يحاول محو أميتها عنه ويتـعلم من كاتبه الخاص أو مدير ديوانه المتفرنس فجميع ما في الوزارة تـقريـبا هم أميون في اللغة العربية و90% من الكتاب الخاصين ومديري الدواوين للوزراء والشرائـك العامة الموريتانية لا يستطيع أي واحد منهم أن يكتب رسالة بالعربية فضلا أن يحقق بها في ملف أو يأتي باقـتراح مكتوب في شأنه بل أن ملفات الوزارات والشرائك إذا رأيتـها لا تظن أنها  موجودة في بـلد ينـتسب إلى الدول العربية إلا إذا رأيت عـناوين مطبوعـة سلفا قـبـل أن تـدخل الوزارة، وكأنها مطبوعة لإهانة العربية من قريب فسوف تجـد على رأسية الورقـة اسم الوزارة، أو كتابة ديوان الوزير أو الكاتب الخاص، أو الأمين العام وفي رأس الورقة ينـتـهي نظرك للحروف العربية لتحل محلها اللغة الفرنسية الركيكة تركيـبها لأن كاتبها لا يحـمل إلا الشهادات الأولى من الدراسـة وتارة لا يحمل إلا كـلاما يخرج من فمـه ولا يستـطيع وضعـه مركـبا فوق الأوراق.

وهذه الصفـة المزرية بجميع أبعـادها تجـر ذيـلها على جميع النافذيـن في القرار الموريتاني من عنـد رئيس الجمهورية إلى الوزراء إلى إدارة البرلمان إلى إدارة جميع الشـرائـك العمومية.

فصدور المادة (6) من الدستور سنة 1992 لم ينـتج عنها للعربية إلا أن المسؤولين الموريتانيين خالفوا فيها عادتهم الاجتماعية حيث جعلوا العربية بمثابة زوج علانية والفرنسية زوج سرية والمعلن في الأبواق وعبر الأثـير لا يدخل المكتب ولا المنزل أما السري فهو الموجود في المنزل والمكتب والمكلم به مع الأصدقاء  وهذا طبعا مخالف للعادة الاجتماعية، لأن العربية هي التي يتـكلم بها المسؤول في المنابر ويتكلم بها بأسلوب محترم لأنه يكتبها له من يتـقنها ويأتي بها كما ينـبغي ولكن أوراقها المقروءة لا تدخل المنزل ولا المكتب بل أظن أنه يرميها في أوساخ طرق انواكشوط الكثيرة عـندما يمر عليها عـائـدا من قراءتـها.

أما الفرنسية وهي الزوج السرية فهي التي في المكاتب وفي البـيت ولا يتـكلم بها في الأماكن العمومية.

 ودرج المنزل والمكتب مليئـة منها، أما الزوج العلـنية (العربية) فهي المستـعملة في الهواء وتحت الأضواء.

فمن نظر إلى تدويـنات فيسبوك وإلى المواقع وكتابهم وإلى الجرائـد إلى آخر الثـقافة المقروءة في البـلد  يظن أن موريتانيا لا مكان لأي لغة غير العربية فيها، ولكـنك إذا دخلت جميع المكاتب سواء كان مجلس النواب أو الشيوخ وجميع الوزارات وحتى المجلس الدستوري وحتى المجلس الإسلامي الأعلى وجائزة شنقيط إلى آخره كل أولـئـك أصبحوا من أصحاب الشمال.

وهنا لا بد أن يطرح سؤال: إذا كـنا وصلنا من الاستـقلال إلى 55 سنـة وهذه الفضيحة المزرية تلاحقـنا على طول السنين وهي ترك مظهر من مظاهر الاستـقلال وكأنه استـثـني للمستعـمر، وسلطة تـنفيذنا مسؤولة عن تـنـفيذه، فلماذا هذا السلبـية تجاه هذا المظهر الاستـقلالي  الحيوي؟.
وإن أقرب جواب يمكن أن يرد به على هذا التساؤل هو أن السلطة التـنفيذية هي المسؤولة عن استمرار هذه الكارثة الاستعمارية حتى الآن، وجميع الذين تعاقبوا على السلطة التـنفيذية ليسوا من المتمكـنين من اللغة العربية بل شهاداتهم من الشهادات السفلى أو المتوسطة بالفرنسية ولكنهم اخـتـلفوا في مواقفهم من تعـريب الإدارة.

فالجمهورية الأولى كان ثـقافة أهلها فرنسية ولكن قـلوبهم وطنية فأخذوا الاستـقلال ولا حاكم واحد إداريا عـربيا ولم تــنـتـه العشرة الأولى من الاستـقلال إلا والحكام الإداريون كثير منهم لا يعرف إلا العربية، وكذلك المديرون في كثير من المرافق حتى الجيش والأمن وغير ذلك بمعنى أنهم اتخذوا طريقا حثيـثا نحو التعريب إلا أنه بعـد الانـقلاب العسكري أخذ الحكم العسكريون المعروف أنهم آنـذاك لا يعرفون إلا اللغة الفرنسية فلم يعـيـروا اهتماما لتعريب الإدارة ولم يفكروا أن التعريب قضية وطنية خاصة ما داموا هم مسلمون عرب ينـتـمون للجامعة العربية ودول المغرب العربي، ولم ينـتـبهوا على أن وضعيتهم هذه يشـترك معهم فيها كثير من الدول وهي وجودهم كدولة عربية لها ارتباط بدول أخرى عندها لغة أجنبية.

فالمغاربة والتونسيون وحتى الجزائريون الذين استـقـلوا بعدنا وتغـلغـلت فيهم اللغة الفرنسية أكـثـر مـنا الجميع أصبح أكثـر منا تعريـبا لإدارته، وأكثر منا معرفة للغة الأجنبية لغة المستعمر السابق، ولكن أعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر وقرروا أن كل ما يرجع إلى السيادة من إصدارات وزارات الدولة يكون باللغة الوطـنية الرسمية وما يعـني الاتصال بالخارج وغير مرتبط بسيادة الدولة يكون باللغة الأجنبية.

فلو جاء قائـد عسكري واحد يؤمن بسيادة قضية التعريـب لفعـل فيها ما فعله الرئيس محمد خونه بن هيدالة أكمل الله له الحياة الطيـبة في الدنيا والآخرة في قضية تحكيم الشرع الإسلامي.

فـبـقدر إيمانه بالله وبأن الدين الإسلامي جميع ما جاء في نصوصه هو واقع لا محالة وأنه يطمع في وعـد الله ويخاف من وعيده استدعي العلماء في جانب الحكم بشرع الله وقال لهم كل حكم كتبتموه أنه هو حكم الله في قضية تـتعلق بهذا الشعب الموريتاني أوقع لكم عليه أنه القانون الدائم في موريتانيا فـنـتـج عن ذلك رئاسة القضاة الإسلاميـين على غيرهم وتـقـنين الحكم الجنائي حتى الآن طبقا للشريعة الإسلامية فجزاه الله عن المسلمين والإسلام خيرا  وأعطاه الله من خير الدنيا والآخرة حتى يرضى.

فـلو جاء قائـد عسكري بعـد ذلك وأعطى الأوامر للمقنـنين والمفسرين للدساتير أن كل مكان في الإدارة العامة والخاصة يجب أن تـكون الكتابة فيه بالعربية ويصدر بذلك قانونا واجب التـنـفيذ فإذا وقع هذا سيعود المفقود وهو الوطنية إلى وطـنه ويقطع دابر من تمسك بالإدارة الفرنسية في غير وطنها والحمد لله رب العالمين. 
محمدو ولد البار

0 التعليقات:

إعلان