لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الاثنين، 23 نوفمبر 2015

ما منا إلا له مقاومة مشهودة‎ (رأي)

تعنى المقاومة فى أبسط دلالاتها استعمال مختلف الوسائل لدفع وافد غيرمألوف وغير مرغوب فيه مدعوم بالقوة .

ويتربع الإستعمار على عرش الوافدين البغيضين بطبعه، ذالك أنه ليس من طبيعة المستعمر أن يجر غير التخلف والفقر والهوان والدوس على الكرامة وانتهاك حقوق الانسان،فالغزاة الصليبيون لم يتجاوزوا البحار ولم يقطعوا الأنهار من أجل سواد عيون الشعوب المستعمرة وإنما من أجل أطماعهم التوسعية والربط بين مستعمراتهم 

ولقد قاومت الشعوب المختلفة الوافد الإستعمارى، ولم يكن المو يتانيون بدعا من تلك الشعوب بل لعلهم أكثر الشعوب رفضا للإستعمار وبكل فئاتهم وطبقاتهم وشرائحهم ، وعلى مختلف مناحى الحياة التشريعى منها والعسكرى والزراعى والصناعى والرعوى والإجتماعى.

لكن الملاحظ اليوم هو أن مجموعات بعينها ومن خلال تناولها لتاريخ المقاومة تترك انطباعا لدى المتابع أن المقاومة حكرا على أسلافها .

والحقيقة أن ذالك الطرح لايخدمها هى ولا يخدم المقاومة إذ أنه لولا تكاتف الجهود وتوافر العوامل المختلفة لكنا اليوم شعبا ممسوخا مسلوبا مسلوخا من هويته وأصالته مستباحة أرضه منتهكة سيادته مقيدة حريته.

فإذا كانت المقاومة العسكرية الباسلة دفع أصحابها دماءهم الزكية دفاعا عن الوطن وفداء ودفاعا عن شرف الأمة ودينها، فإن مقاومات موازية هى التى هيأة الأرضية الملائمة لانطلاق المقاومة العسكرية واحتضنتها بدون هزيمة ولا تراجع عصية على طغيان المستعمر وجبروته وترغيبه وترهيبه.

من بين هذه المقاومات المقاومة التشريعية التى نجح القائمون عليها فى صد الحملات التبشيرية ، فعلى مدى الحقبة الإستعمارية ظل سكان مابين نهر صنهاج جنوبا وحتى إقليم أزواد شرقا وصولا إلى الصحراء الغربية متمسكين بالدين الإسلامى الحنيف، محافظين على مذهب أهل السنة والجماعة، والثقافة العربية الأصيلة مشكلين استثاء فى عصر الضعف ،حيث الشعر العربى الفصيح بعموده، وقافيته ،وصوره الإبداعية ،وقيمه ومثله المتمثلة فى الكرم ،والشجاعة والإقدام، وأغراضه المختلفة كالفخر، والرثاء، والمدح ،والغزل العفيف ،والهجاء،بالإضافة إلى لون شعرى محلى يحمل بصمات وطنية(لغن

ثم كانت المقاومة الإقتصادية بجوانبها المتعددة كالزراعة ،التى أبلت فيها شريحة لحراطين بلاء حسنا، وقدمت الكثير فى صمت وهدوء إلى جانب مساهماتها فى المقاومات الأخرى.
كما شكلت المقاومة الصناعية بدورها عاملا مهما فى إشعال المقاومة العسكرية ،ومدها بالعتاد والذخيرة، والتى حملت لواءها شريحة الصناع التقليديين.

ومن جانبهما شكلت كل من المقاومة الرعوية والإجتماعية والموسيقية أدوارا متميزة فى المحافظة على هوية الأمة وثقافتها وعاداتها الإجتماعية وحتى الغذائية.

ولعل الجانب التاريخى أوالمقاومة التاريخية الغائب الأبرز ،ذالك أنه ورغم قلة المؤرخين فإن أغلب الذين كتبوا عن التاريخ الموربتانى كانت ذواتهم حاضرة وثاراتهم ماثلة فيما يكتبون فترى الواحد منهم يحاول الرفع من شأن عشيرته وحلفائها ،وبالمقابل يسعى بكل ما أوتى من قوة إلى التقليل من شأن غرمائها ومناوئيها فى غياب تام للأمانة فى النقل وسرد الأحداث التاريخية .
والمفارقة العجيبة هى أن الغربيين الذين كتبوا عن التاريخ الموريتانى كانوا أكثر حيادية وموضوعية -حتى لا أقول أمانة _من كتابنا الوطنيين.

محمد يحى محمد الامين الشرقى
البريد الالكترونىccharghi@yahoo.fr

     

0 التعليقات:

إعلان