لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الجمعة، 10 أبريل 2015

للإصلاح كلمة تتعلق بنصيحة مقدمة للسيد رئيس الجمهورية (رأي)

محمدو ولد البار
كلمة الإصلاح هذه المرة تريد أن تـنفذ ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمة في الحديث الصحيح المعروف عند غالبية المسلمين، ذلك الحديث الذي حصر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ببلاغـته الطبيعية الدين في النصيحة بتعريفه للمسند والمسند إليه "الدين النصيحة"، فهذا النوع من ألفاظ الحصر كما يقول البلاغيون، وعندما سئـل عن تفسيره قال لله ولرسوله ولأئمـة المسلمين وعامتهم بمعنى أنه أتبع أئمة المسلمين لله ولرسوله مباشرة.

وهذه النصيحة استخلصت كلمة الإصلاح حتميتها من فحوى المؤتمر الصحفي الذي عقـده السيد الرئيس فور رجوعه من زيارة الحوضين.

فقد برزت ضمن ذلك المؤتمر الصحفي مسألتان ظهر أنهما مهمتان عـند السيد الرئيس وقـد قرأ المجتمع الموريتاني من بين ألفاظهما أن أولاهما وسيلة والأخرى غاية كما أن إحداهما منطوقة والأخرى مفهومة والمنطوق هو الوسيلة والمفهوم هو الغاية ومن هنا وجبت النصيحة كما سوف يتضح ذلك للقارئ إن شاء الله.

فالسيد الرئيس ركز في كلامه كثيرا على استعـداده للحوار وعلى عزمه كذلك إلى الاستماع لكل اقـتــراح حتى ولو طلب منه المحاور التـنازل الآن عن الحكم، فلا محظور في مناقشة أي موضوع.

وبـرر السيد الرئيس هذا الاستعـداد بأنه سينتهي إثره دعوى المعارضة أن موريتانيا في أزمة مع أنه هو لا يرى وجود هذه الأزمة، إلا أن الحوار والاستجابة إلى تنفيذ ما قالت المعارضة أنه أزمة سينـهي الدعوى، وأنا مثـله لا أرى أزمة سياسية ولكن أرى أزمات اقتصادية وأمنية لا مثيـل لها ولكن يظهر أن المعارضة والرئاسة لا يهتمان إلا بالأزمة السياسية ولا يعدان الأزمة الاقتصادية والأمنية أزمة.

فالسيد الرئيس عندما كان يقول ذلك ويبالغ في الاستعداد للحوار ـ في ذهنه أن المعارضة لا تطلب ولا تسميه أزمة إلا عدم مشاركتها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وقد أوضح جليا استعداد الرئاسة لتـلبية هذا المطلب، وهذا هو المنطوق، وتـتـيقن الرئاسة أنه عندما يناقش هذا لا بد أن يصل النقاش إلى تغـيـير مواد من الدستور وعلى رأسها عند المعارضة كما تـتـيقن الرئاسة تغـيـير مادة سن الترشح حتى يتمكن زعماء الأحزاب المتقدمين في السن من الترشح للرئاسيات وهذا كله ما زال من المنطوق المندرج تحت الوسيلة.

أما الغاية من ذلك المؤتمر الصحفي والتي جاءت الإشارة فيها خفية لا تخرجها عن كونها مفهومة فقط هي أنه عـندما تـناقش مواد الدستور فلا يمكن أن يكون هناك حظر لمناقشة زيادة استحقاق التـرشح لمرة ثالثة ورابعة...الخ.

فلماذا باء امـتداد سن عمر الترشح تجر المعمرين إلى الرئاسة ولا تجر باء المتمسكين بالرئاسة إلى مـد استحقاقاتهم عدة مرات أخرى.

فكان على الرئيس أن يكون استـشهد هنا بقول محمد بن أحمد يوره:

ذكرنا لكم بعض المرام وبعضه *** مخافة تطويل عليه نلخخ
 

وقول الآخر:

حواجبنا تـقض الحوائج بيـنـنـــــــــــا *** ونحن سكوت والهوى يتـكلم

أما النصيحة فـتــبدأ من هنا: فلو كان لقاء الرؤساء متيسرا لما كانت هذه النصيحة في ملء لعل أن يقال أنها خديعة وفي علم الله أنها ليست خديعة وليس من خلقي ولله الحمد ذلك ولكن لقاء الرؤساء غير متيسر في الدنيا أما في الآخرة فيقال لهم من الله {أسمع بهم وأبصر يوم يأتونـنا} ويقال لهم من طرف المواطنين "الصيف ضيعـت اللبن".

وعلى ضوء هذا أقول للسيد الرئيس إن أحسن الناس حالا في الآخرة من يحاسب حسابا يسيرا وينـقـلب إلى أهله مسرورا، وأظن أنه يكفي المرء حسابا إذا سئـل عن اثنى عشر سنة من حكم شعـب فقـير لا يملك جميعه إلا الإيمان بالله واليوم الآخـر وأكـثره يعـرف بل يحفظ ما جعـل الله من حقه على من مكن له فوق الأرض المسكونة من طرف هذا الشعب.

ومن هنا تـتـحتم النصيحة من كل مسلم لرؤساء الدول الإسلامية الذين تـفضل الله عليهم بأن لم يجعلهم ملوكا عندهم أولياء عهد في الدنيا يتصل دائما اليوم الأخير من حكمهم باليوم الأول في القبر، وهذه قاصمة الظهر للمسلم في الآخرة.

فالرؤساء المسلمون الجمهوريون الذين حدد الدستور مدة حكمهم فعليهم أن يغـتـنموا تـلك الفرصة ويكثروا عليها من حمد الله حيث أتاح لهم فاصلا بين حكمهم ونهاية آجالهم إذا بلغوا ذلك فـتـلك فرصة للمسلم الذي كان رئيسا لم تعوض ولم تشتر بأي ثمن إذا هدى الله فيها الرئيس المسلم إلى مراجعة حياته بنفسه فيرد المظالم، أو يتحـلل منها أصحابها سواء كانت المظالم تـتـعلق بالأبدان أو الأموال، فالرؤساء المسلمون في هذا الزمن جعلوا أنفسهم بين مطرقة عذاب القـبـر الذي يبدأ من قوله تعالى: {فلولا إذا بـلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تـنـظرون} إلى آخر الآية وبين سنـدان القوانين الدولية ومقررات المجتمع الدولي والرأي العام إلى آخر مسميات أهـل الدنيا التي لا تــبني على قوله تعالى {ألم يأتكم رسل منكم يتـلون عليكم آيات ربكم وينـذرونـكم لقاء يومكم هذا}.

فالجواب في ذلك الوقت {بلى} فليست هناك مراجعة مع القوانين الدولية وليس هناك أي رأي مجتمع والأصعب في هذا أن هذا السؤال يبدأ من أول لخطة بعد الدنيا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تـزال قدما ابن آدم حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفـناه" ومن الأسئلة "عن ماله من أين اكـتـسبه وفيم أنـفـقه".

فالمجتمع الدولي والأعراف الدبـلوماسية والعلاقات القارية وعلاقات الدول الصديقة والشقيقة إلى آخر ذلك كله لا يكون مضمونها إلا قـبـل الموت أما مضمون كلمات الله فهي تكون قـبـل الموت وبعـد الموت يقول تعالى وهم أحياء: {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يـكـتبون}.

ويقول في الآخرة: {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}.

فأنا أظن أن أي عـاقـل يؤمن بآيات الله التي تـتـلى عليه آناء الليل وأطراف النهار كما أنزلها الله ويستمع إلى قوله تعالى {أفمن وعـدناه وعـدا حسنا فهو لاقيه كمن متعـناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين} إذا وجد فرصة فارغة من عمل أهل الدنيا وهو كان غارقا في بحر لجي في الدنيا ظلماته بعضها فوق بعض وأغتـنمها لعمل الآخرة أن يشعـر بأن الله اصطفاه في الدنيا بنشوة رئاسة أهلها ويجتهد هو في العمل لتحصيل اصطفاء الآخرة حتى يستحق قول الملائـكة {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة} الخ الآية.

فالجمهورية الإسلامية الموريتانية سبق أن ترأسها أشخاص بعضهم لا شـك أنه لقي الله الآن ولا ندري ماذا فعـل به وبعضهم ما زال حيا إلا أن الاحتفاء به انتهى بنهاية مأموريته في الدنيا فكذلك علاقة أهل الدنيا هي لمجرد الدنيا ولكن هؤلاء الرؤساء الأحياء يتمتعون بأنهم لا مسؤولية عليهم عن هذا الشعب في حياتهم الآن فهذه نعمة يجب البحث عنها.

فعلى السيد الرئيس أن يبحث عنها ولا يتطلع إلى زيادة مأمورية مهما عرضت عليه، فالإمارة يقال أنها نعمت المرضعة وبئست الفاطمة ولا سيما إذا فطمت بالموت مباشرة بعد الإمارة.

فأنتم تعـرفون سيادة الرئيس أنكم إذا أتيحت لكم فرصة أخرى فسوف تنجحون ولو زدتم أعمار أصحاب المعارضة إلى القرن القادم لأنكم نجحتم في انتخابكم الأول بعد إعـطاء المعارضة أغلب وزارات السيادة ومعها المالية بمعنى كما يقول أهل (ظامت) نزعت عن المعارضة (نقطة النصف) ولم ينجحوا.

فالشعب الموريتاني ولا سيما المعين منه بمرسوم هو ومن يدور على مائدته شب وتعلم أولا من الديمقراطية أن الأكل مع معاوية أدسم والصلاة مع عـلي والوقوف بينهما ليس من المفـكر فيه، وكذلك فإن العالم لم يشاهد رئيسا عربيا يهنئ مترشحا نجح ضده اللهم إلا ما وقع في تونس مع رئيس في حكومة انــتـقالية والسبب أن السواد الأعظم من التونسيين يظن أن الرئيس الانـتـقالي معه الإسلاميون والشيطان دائما ومن يستمع إلى وساوسه ضد نجاح من يلبس ثوب الإسلام كدين ودولة كما سيظهر للمجتمع بعـد الموت أنه دين ودولة.

وقـبـل إنهاء هذه النصيحة لا بد أن أحدثكم سيادة الرئيس عن ما فات من مدة حكمكم كما عشت قـبله وفيه ومازلت ولله الحمد حيا.

فلا شـك أن انـقلابكم الأول كانت موريتانيا أرضا بحدودها ولكن ليست دولة بلفظ الدولة الواسع من جيشها إلى بوابيها ولم يكن ذلك ناتجا عن سوء أخلاق في شخصية الرئيس آنذاك ولا حبا للمادة ولا استغراقا في جمعها ولكن لعدم معرفة تسيـيـر الديمقراطية فاجتهد فأخطأ فيها وترك الدولة فوضى لمن هب ودب.

ولا شـك أنكم ضبطتم بكفاءة عالية جانبها المالي وجميع مواردها بقراراتكم الشجاعة الهادفة لضبط مال الدولة وأنـفقتم منه الكثير في الرفع من وجود معنى الدولة كدولة مثـل الجيش والبنى التحتية المعممة على أكثر الولايات سواء أنـكر ذلك من أنـكر أو عارض من عارض.

ولكن أسمحوا لي بالمقابل السيد الرئيس أن أقول إنكم أفرغتم قلب الدولة من محتواه وهو الإدارة الاقليمية فهل تظنون أن الحاكم والوالي ووزير الداخلية الذين هم الممثـلون لكم في الإدارة الإقليمية يعرفون عن الشعب في المقاطعة والولاية في 24 ساعة إلا ما تعرفون أنتم عن ذلك.

 فالسلطات الأمنية لا تمثـلـكم ومدير الحالة المدنية لا يمـثـلكم كل هذا لا يمثـلـكم إلا بواسطة الإداريـين فمعنى ذلك أن لا تمـثـيـل لكم في مشاكل الشعب اليومية من فـقـر وتفشي إجرام والعزم على القيام به إلى آخر ذلك من ما كان موجودا من حضور الإدارة الإقليمية ومعرفتها لمشاكل الشعب عن طريق تأمينها له بواسطة الأمن المعهود.

فلو كان هؤلاء الإداريون يعرفون شيئا عن الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثـقافي إلى آخره لتصلكم تـقاريرهم يوميا عن طريق السلم الإداري، ولكن فاقـد الشـيء لا يعطيه.

ومع أنه لاشك في أن ليس في الإمكان أبـدع من ما كان فإني أرجو لكم التوفيق في نهاية هذه المأمورية مع الصحة والسلامة وأعظكم أن تطـلبوا مأمورية أخرى حتى تذوقوا وأنتم أحياء حلاوة العيش بين أسرتكم وظهران شعبكم تتداركون ما فـات - إن وقع فيه تـقـصيـر في قيادتكم - وتسألوا الله المغـفرة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغـفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة مع أنه مغـفور له ما تـقدم من ذنبه وما تأخر.

وأختم بقوله تعالى: {ربنا آتـنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا}.

0 التعليقات:

إعلان