لاقتراحاتكم ومشاركاتكم يرجى مراسلتنا على العنوان التالي:alegcom@hotmail.com

الثلاثاء، 7 يناير 2014

بعض من مواصفات الرئيس القادم (رأى)

الوزير الأسبق محمد فال ولد بلالى

بضعة أشهر وتنتهي مأمورية الرئيس محمد ولد عبد العزيز. نعم، تنتهي مأموريّة الرئيس محمد ولد عبد العزيز...هكذا الدنيا...لكلّ بداية نهاية، قاعدة كونيّة تفرض نفسها قهرا مهْما دسَّها النّاس تحت التراب.

والعقلاء هم من يتعاملون مع النهاية وما بعدها قبل وقوعها، ويضعون البدائل المناسبة والترتيبات الملائمة لبدايات أخرى في متسع من الحال والوقت.

ومن هذا الباب، فإن الحكمة تقتضي من الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري أن يتخلّى عن السلطة طواعيّة فور انتهاء مأموريّته الحاليّة حتى يختار الشعب بحرية من يخلفه وتبدأ المعارضة في البحث عن بديل توافقي أو بدائل - من خارج أحزابها- بعد أن فشلت - هي الأخرى- في كسب ثقة الشعب أو حتى إقناعه ببرامج واضحة وخطط عمليّة تُفضي إلى تداول السلطة بشكل سلمي... أقول هذا الكلام وقد اتضح لأغلبية الموريتانيين فشل الرئيس والمعارضة معا...

وبات من الواضح أنّ حكومة الرئيس ولد عبد العزيز لا تمتلك رؤية ولا تصلح لإدارة حيّ، وأنّ المعارضة فشلت في القيّام بدورها، وعجزت عن التخلّص من فخّ الخلافات الشخصيّة، والانجراف مع تيّارات لغو الكلام والهذيان... وأمام هذا الفشل المزدوج، لا مناصّ من طرح السّؤال التّالي: من سيكون الرئيس القادم؟ أو على الأصح ما هي مواصفاته؟

وظيفة رئيس الجمهورية مثلها مثل أيّ وظيفة لها مواصفات ومعايير ينبغي مراعاتها حسب ظروف الزّمان والمكان وفي هذا الصّدد، أريد هنا أن أستعرض مع القارئ الكريم بعض الصّفات التي أتمنّى توفُّرها في رئيسنا القادم بإذن الله...أدعو الله أن يكون رئيسا مدنيّا يؤمن بالديمقراطيّة و الحريات و المساواة في الحقوق والواجبات، وأن يكون رئيسا لكلّ الموريتانيّين، يستمع إلى المعارضين قبل أن يستمع إلى المؤيّدين، يؤمن بالعمل الجماعي ويحترم المؤسّسات ويُدرك مفهوم الدولة.

كفانا من الرئيس "المعجزة"، صاحب القدرات الخارقة، الرئيس المُنْقِذ والأوْحد الذي يتدخّل في كلّ شيء ويُقرّر في كلّ شيء.

 كفانا من الرئيس الذي يرى أنّه يمتلك الحكمة والصّواب وله أن يأمُر وعلى الجميع الطّاعة والتنفيذ.
كفانا من الرئيس الذي يعتبر الدولة بقرة حلوب ويعتقد بأنّ المنصب غنيمة له ولأتباعه.
 كفانا رئيسا يغرقنا بالوعود والأوهام ولا يحقّق شيئا منها.

أتمنّى أن يمُنّ الله علينا برئيس في حجم ووزْن هذا الشعب العظيم، يعرف تاريخه وآدابه وتراثه وفنونه وتكوينه الوجداني ويكون صاحب مبادئ ومواقف سياسيّة مناهضة للأنظمة الاستبداديّة السّابقة، ويتمتّع بالاستقامة الفكريّة والأخلاقيّة، غير مُتلوّن، ولديه معرفة علميّة و" أكاديميّة " تؤهّله لأن يجمع الأصالة والحداثة ويصالح بين فسحة رئاسة الجمهورية الضيّقة وأرض الوطن الواسعة بعمقها الثقافي والحضاري وثِقلها الديمغرافي...

ولا يُساوِرُني أدنى شكّ في أنّ وجود هذه الشخصية وارد لامحالة، فموريتانيا تفيض بطاقات هائلة ورجال أفذاذ... بعضهم تجاوز الستين وبعضهم لم يتعدّ عقده الرابع أو الخامس...

وكلّي أمل وتفاؤل أن تنجح المعارضة في التّفاهم على برنامج حكومي مشترك تتراضى عليه في الحد الأدنى معظم الأحزاب والأوساط المؤثّرة والفاعلة في المجتمع، وتتقدّم بمرشّح توافقي لرئاسة الجمهورية بين يدي النّاخبين لتُكفِّر عن سيّئاتها ويغفر الله لها ما تقدّم من ذنبها وما تأخّر...

التفاؤل موجود ولكن فرضيّات الفشل قائمة لأنّ البحث عن رئيس توافقي، بقدر ما يعكس من رغبة في الوصول إلى إجماع، يُمكن أن يتحوّل إلى سبب في مزيد من الانقسام والتفرقة.

وبالتّالي قد يتعذّر الوفاق فيما عدى التنسيق والدعم المتبادل في الشوط الثاني من الانتخابات وفي هذه الحالة، لا مناصّ من تعدّد المرشحين ولا خطورة في ذلك إن كان من ضمنهم رجل مناسب تتوفّر فيه المواصفات الواردة أعلاه.

وفي كلّ الأحوال سواء تعدّدت التّرشيحات أم لم تتعدّد علينا أن نستعدّ لخوض معركة ضروس مع حكم العسكر وأزلامه لفرض العدالة والشفافية والنزاهة في كلّ مراحل العمليّة الانتخابية: تصحيح سجل الناخبين، إعادة تنظيم اللجنة الوطنيّة المستقلّة، تلافي كلّ النواقص والثّغرات التي ظهرت في الانتخابات الأخيرة بخصوص المحاضر وآليّات الفرز، وحضور ممثلين عن المرشحين في المستويات كافّة، وإعلان النتائج، إلخ ...

ولن يتأتّى لنا ذلك ما لم يكن هناك ضغط مستمر وقوي على حكومة ولد عبد العزيز، ضغط من أعلى بواسطة المجتمع الدولي وحضور مراقبين محايدين،،، وضغط من أسفل بتعبئة الشباب والنّزول إلى الشارع وتقديم التضحيّات قُرْبانا للحرية والكرامة وبناء دولة جديدة.
والله وليّ التّوفيق
محمّد فال ولد بلاّل


0 التعليقات:

إعلان