في الكلام عن غرائب مصر وعجائبها راحة للقلب (رأى)

محمدو ولد البار

لقد قرأنا كما قرأ الجميع عن تاريخ مصر من الغرائب والعجائب ما يظن المرء  فيه أن الدنيا لا يمكنها أن تأتي في مصر بغريبة لم يمكن لها أصل في غرائب مصر القديمة.

فنحن هنا في موريتانيا عندنا حكاية متداولة عن مصر تقول إن كل من دخلها سوف يجد مكتوبا على بابها يا داخل مصر هنا ألف ألف من مثلك فإن كنت عالما أو مهندسا أو مشعوذا أو مجنونا ففي مصر ألف ألف من وصفك.

إلا أننا شاهدنا الآن وشاهد معنا العالم أجمع أن في مصر الآن من الغرائب والعجائب التي سجلها رجلها القوي الآن اللواء عبد الفتاح السيسي ما لو كان ما زال من الدنيا أكثر من ضعفها سبع مرات أمامنا لم تستطع مصر أن تأتي بتلك الغرائب والعجائب التي أذاعها هذا الرجل على العالم استخفافا بشعبه وإذلالا له أمام العالم كله، هذا العالم الذي أصبح قرية واحدة تدار بمعقولية واحدة أمام أنظار أهل الدنيا.

فحكاية إخضاع الشعب المصري  لكل من تغلب عليه من حكامه  قدر نزل  به الوحي على قلب رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى: "طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يومنون  إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نسائهم إنه كان من المفسدين".

بل إن المولى عز وجل أنزل في كتابه ما يفهم منه أن سبب طغيان قادة مصر هو استخفافهم بشعوبهم يقول تعالى: "فاستخف قومه فأطاعوه".

إلا أن هذا الاستخفاف وذالك الطغيان كان في الزمن الماضي لو لم ينزل به وحي لما كان معلوما عند الجميع  ولكن هذا الاستخفاف وهذا الطغيان الذي صدر الآن من هذا الرجل العسكري ببذلته ونياشينه أمام أنظار العالم أجمع لم يسبق لأي قائد مصري ولا قائد في العالم أهان شعبه بهذه الغرائب والعجائب من الإهانة.

فلم يسمع العالم في القديم ولن يسمع في المستقبل أن وزير دفاع يقول لرئيسه  في تلفزة دولته عليك أن تسمع ما أوجهه إليك في أربع وعشرين ساعة وإلا فسوف أقوم بإجراء ضدك.

وفعلا يقوم هذا الوزير بعد أربع وعشرين ساعة بتعيين رئيس للبلاد ووقف العمل بدستورها وحل برلمانها ويأمر بإنشاء دستور أخر وانتخاب رئيس وبرلمان للمستقبل.

ومن ما يزيد الغرابة أمام العالم والإهانة لهذا الشعب الكبير العريق أن كثيرا من المثقفين المصريين على مختلف أنواعهم وتخصصاتهم عندما يكون مؤيدا لهذا اللواء الغريب العجيب تذهب ثقافته ويذهب تخصصه وعقله وانتسابه لمصر الحضارة فيسمى الرئيس المعين من الوزير رئيسا ويقول الدستور المعطل والمجلس المنحل.

فمن له حق حل المجلس وتعطيل الدستور؟.

وأطلب هنا من العالم أن يسمح لي بهذه المقارنة الآتية، وينظر أي اللواءين أكثر حضارة وتصرفه أقرب إلى العقلانية؟

فمن المعلوم أن مصر حضارتها من آلاف السنين قبل الميلاد وحتى الآن وموريتانيا لها ستون سنة فقط مستقرة في الأرض لتبني حضارة فوقها ومع ذلك فإن في هاذين البلدين لواءان قاما بانقلاب على رئيس مدني منتخب من الشعب ومع أن هذا من منكرات الديمقراطية الحديثة إلا أن الفرق بينهما أن لواء موريتانيا هو الذي ساهم بجهد كبير في إيصال الرئيس المنتخب إلى السلطة وعندما لم يرض عن عمله أو عن علاقاته أو لحب مباشرة السلطة أزاحه عن السلطة إلا أنه لم يعين رئيسا أخر مكانه بل شكل مجلسا عسكريا وترأسه ولم يحل البرلمان ولم يعطل دستورا ولم يحاكم الرئيس المخلوع ولم يترشح للرئاسة قبل أن يستقيل الرئيس المخلوع.

أما لواء مصر فقد عين شخصا رئيسا للدولة وحل البرلمان وعطل الدستور وسجن الرئيس وقدمه للمحاكمة ولم يملك شرعية لهذا كله إلا أن أسلحه الشعب موضوعة تحت يده.

والغريب العجيب في الأمر أن الرئيس المعين من الطرف وزيره للدفاع يتصرف أمام العالم كأنه رئيس دولة.

وقد أستمع إليه العالم قبل يومين يستدعي هيئة الناخبين للاستفتاء على الدستور ويقول أخذت قراري.

وقد ظننت أن العالم أجمع سوف يقول له بلسان واحد أخذت قرارك باسمك إيه؟ وكل تصرفاتك باسمك إيه باللهجة المصرية. كما أن على العالم عندما قال هذا الرئيس أيها الشعب المصري العظيم أن يقول له أين عظمة الشعب هذه الأيام؟

وكنت أود من العالم أن يقول له بلسان واحد أيضا إذا جاء لواء أخر وعطل هذا الدستور وجاء لواء ثالث وتقدم بدستور آخر للاستفتاء إلى أخر لو أنت مصر أي الدساتير يكون العمل به ومتى ينتهي هذا التسلسل.

وأنا هنا أنبه اللواء السيسي على عملية استفتاء بسيطة دشنها هو في الثالث من يوليو.

فبما أنه قال إن هذا ليس انقلابا ولكنه استجابة لإرادة شعبية ظهرت بتصوير الطائرة من الجو لميدان الاتحادية فعليه الآن أن يطلب من الشعب المصري أن يجتمع يوم 14 و 15 2014/01/ في ميدان الاتحادية، وتحوم فوقه الطائرات العسكرية وتصوره ويصدر هو قراره بأن استفتاء تم بهذه الطريقة وأنه وجد الأغلبية من الشعب المصري في القاهرة أما غيرها من سكان المدن الأخرى فلا عبرة بهم، لأن الإطاحة بالرئيس تمت بتصوير ميدان الاتحادية بالقاهرة فقط.

أيها الشعب المصري المغلوب على أمره، أنا أسألك هل استمعت إلى ما يبكي العالم عليك ويدمي قلوب أبناء جلدتك من العرب؟ هل استمعت إلى وزير التموين في حكومة الرئيس مرسي في برنامج الجزيرة بلا حدود مع أحمد منصور.

عند ما شرح للعالم أفكار وأطماع الجيش المصري الذي كان آمال جميع الأمة العربية والإسلامية فإذا هو جيش جميع أفكاره وعقيدته تتجسد في لاسيتلاء على مقدرات الشعب المصري الذي لم يعطه الله أي ثروة طبيعية بل اقتصاده يتحصل من الضرائب على ما ينتجه الشعب بعرق جبينه ومع ذلك فإن جيشه لا يفكر ولا يحضر لقتال أي عدو بل إن العالم شاهد هذه الأيام جميع أنواع معدات الجيش من مصفحات ومجنزرات وحاملات جنود وطائرات قتال كل هذا وما يتبعه من التهديد والوعيد موجه إلى الشعب من طرف جيش كشف هذا الوزير للعالم في تصريحه أن جيش مصر مهنته داخلية وليست خارجية وأن قادته متضامنون ومتفقون على المحافظة على الامتيازات التي قد اعطيت لهم بوصفهم يكافحون عدوا شرسا يقف على حدودهم والحال أن أكبر منطقة يأتي منها الأمن لإسرائيل هو الحدود المصرية وبدل هذا الأمن الإسرائيلي من طرف جيش مصر يأتي الخوف القاتل من الجيش المصري لمدن الحدود المصرية وقطاع غزة.

فجزى الله ذلك الوزير خيرا كما قال الشاعر العربي:

جزى الله يوم الروع خيرا لأنه *** أرانا على علاته أم ثابت

أرانا مخبأة الخدور ولم نكن *** نراهن إلا عن بغاة بواغيت

فقد أسمع هذا الوزير للعالم أن الجيش المصري الذي يلقبه المصريون بالقوات المسلحة بملء أفواههم أنه جيش لا يخيف عدوا ولا يغيث صديقا.

 وعلى كل حال فنحن نقول لانقلاب جيش مصر ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا لم تستح فأصنع ما شئت".

وأخيرا فإني لم أر مثالا مطابقا لما حصل في مصر بعد الدكتور محمد مرسي إلا قوله تعالى: "ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون". صدق الله العظيم.

تصنيف : المقالات