بث مواطنو ألاكـ عاصمة البراكنة اليوم شكاواهم المريرة لوزير الصحة محمد ولد جلفون الذي بدأ للتو زيارة تفقد للمصالح الصحية في الولاية بعد التقارير التي نشرتها "تقدمي" حول الحمى الغامضة التي أحدثت وفيات خلال الأيام الثلاثة الأخيرة.
ولاحظ مندوب "تقدمي" في ولاية البراكنة "أن حرص الإدارة الجهوية للصحة ومدير المستشفى الجديد على الإعداد الجيد لزيارة الوزير حتى لا تخرج عن السيطرة أو تكشف المستور كل ذلك لم يمنع المواطنين من بث شكواهم للوزير وفتح النار ــ أحيانا ــ على المستشفى وطاقمه الطبي.
عيشان بنت الداه (الصورة) التي تجلس بجانب والدها الذي أتت به أمس إلى المستشفى في حالة حمى وغيبوبة قالت للوزير "إن والدها لم يجد أي عناية وإنها معدمة، وطالبته بأمر الأطباء بالعناية به أو رفعه إذا كانوا عاجزين عن معالجته...".
شكاوى من الإهمال
أما معروف ولد أحمد لعبيد (الصورة) فقد اعترض الوزير وقال له "إن مشكلة المستشفات ليست في البنايات وإنما في غياب العناية لدى الطاقم الطبي"، مطالبا ب"ضخ دماء جديدة في المستشفى..".
كما طالب ولد اعبيد الذي قال إن خمس وفيات سجلت في قريته أغشوركيت بين الحادية عشرة من ليل البارحة وصباح اليوم الثامنة، "بفتح تحقيق في الحمى الغامضة التي قضى بسببها العشرات واتخاذ إجراءات كفيلة بمحاصرتها".
سيدة أخرى اعترضت الوزير قائلة إن "الأخصائي المصري (أخصائي طب النساء ) الذي استجلبته الوزارة بمرتب يضاعف خمس مرات رواتب الأخصائيين الوطنيين لا يقوم بعمله، ولا ينصح المرضى إلا في عيادته الخاصة".
ردود الوزير كانت في مجملها محاولة لتخفيف ضغط المرضى ولفت انتباههم إلى أن النهوض بالمستشفى لا يمكن أن يكون من جانب واحد، وأن دور المواطن محوري فيه.. كما أكد ان المريض عليه أن يعلم أنه ليس طبيبا ويترك للطبيب خصوصيته.
أما الهجوم على الأخصائي المصري فقد رد عليه الوزير بقوله إنه إنسان ويتعب ولديه أوقات مداومة ويداوم حتى الثانية عشرة ليلا، فقاطعته المواطنة بقولها "هو ما ايحان الخامسة كاع.. ولا يمارس عمله إلا في عيادته الخاصة.. أما المستشفى فلا يقابل فيه إلا امرأتين أوثلاثة..".
لكن مراقبين يرون أن ما غاب عن الوزير في حواره مع المواطنة أنها لفتت انتباهه إلى اختراق الطبيب للعقد الموقع معه والذي يلزمه بعدم ممارسة الأعمال الحرة... وهو ما ركزت السيدة الشاكية على لفت انتباه الوزير إليه...
مشاهدات أغضبت الوزير
ضمن جولة قام بها في أجنحة المستشفى شعر وزير الصحة بالمرارة عبر مشاهد أغضبته، وهو ما عبر عنه تارة بالإشارة وتارة بالحديث.
أولى هذه المشاهدات سيدة خرجت لتوها من غرفة العمليات بعد إجراء عملية قيصرية ودخل عليها الوزير وهي تتهادى بين امرأتين تحاولان رفعها على الكرسي وهي في حالة حرجة، فانتفض الوزير وخاطب مدير المستشفى الذي يرافقه قائلا أين القابلات...؟ أين الممرضات...؟ ...أين... أين؟؟؟؟؟؟؟؟ ...فلم يجد المدير بدا من الاعتذار بقوله لديهن أعمال يقمن بها...
الوقفة الثانية التي أغضبت الوزير هي حينما وقف على بعض الأسرة الموجودة في الجناح الشمالي من المستشفى وهي في حالة رثة، وتتناثر عليها الأوساخ ــ رغم كون المستشفى رمم أخيرا بمبلغ 37 مليون أوقية، فأشار الوزير إلى المدير متسائلا ما هذا؟ ما هذا؟ وبعد أن تأخرت إجابة المدير قال الوزير هذه ليست أسرة يجب استبدالها...
أطباء يحملون المكنسة تجملا للوزير
لم تخل زيارة الوزير ولحظات الاستعداد لها من غرائب وعجائب، فقد أعلن مدير المستشفى وعماله حالة الاستنفار قبل الوزير لكن هذه المرة من أجل تجميل المستشفى للوزير، فجيش الجيوش للكنس وتنظيف المستشفى، وبدت المفارقة حينما ظهر الممرضون وهم يحملون أدوات التنظيف، أما عملية التنظيف اليدوية فقد أشرفت عليها بعض النسوة اللائي كن بالأمس يشرفن على معالجة المرضى.
أحد المواطنين ذهل من تبدل المناصب هذا فخاطب إحدى المنظفات قائلا "أنت انك ما كنت طبيبة..." فما كان منها إلا أن نظرته شزرا وكظمت غيظها.
سيد محمد مرافق لأحد المرضى قال معلقا على حالة الاستنفار التي يشهدها المشفى بمناسبة قدوم الوزير "ليت كل أيامنا أيام قدوم للوزراء".
هذا وأعلن وزير الصحة محمد ولد جلفون صباح اليوم الاثنين من مدينة ألاق حالة الاستنفار الصحي القصوى، مطالبا كل ولاية بتأليف فريق للتدخل قادر على التحرك، وتشكيل لجنة أزمة يرأسها الوالي ويكون من بين أعضائها المدير الجهوي للصحة من أجل التصدي لحالة الوفيات الطارئة والمحافظة على أرواح المواطنين.
وقال الوزير في كلمة صباح اليوم أمام الكادر الصحي بالبراكنة إنهم لم يعرفوا بعد طريقة التغلب على حالات الوفيات المسجلة بسبب الحمى والتي أدت إلى وفيات في بعض المناطق التي تشهد حالات من الحرارة مرتفعة لم يأخذ لها السكان الاحتياطات اللازمة ــ حسب تعبيره ــ.
وأضاف الوزير أن وزارته أخذت كل الإجراءات الكفيلة بحل هذه الوضعية، وشكلت فرقا متجولة.
نقلا عن تقدمي
0 التعليقات: