ولد خورو وهو يتوجه إلى مكتب قاض التحقيق |
وبقرار محكمة الاستئناف يكون الملف قد نجا من شبح بطلان الإجراءات الذي كان يهدد سير التحقيق فيه في حال اعتماد تكييف قاضي التحقيق.
لكن الملف بدأ في مرحلة الموت السريرى كما يرى كثير من المراقبين المحليين، خاصة في ظل العطلة القضائية التي استفاد منها وكيل الجمهورية بألاك، وتأخر قاضي التحقيق فى إصدار إشعار بانتهاء التحقيق وإعلان النتيجة التى توصل لها بعد أن توقف لأكثر من أسبوع عن الاستماع للشهود وتضاربت الأنباء بشأن استدعاء مستشار الوزير الأول المكلف بمتابعة الخطة بعد أن كان يتوقع أن يتم استدعاؤه في الأسبوع الماضي على خلفية زج الوالي به في القضية بعد أن حمله كامل المسؤولية عن أي أوامر قد تكون أصدرت إلى اللجنة أو عمال المفوضية، يأتي هذا كله في ظل أنباء لم تتأكد بعد بتوجيه الملف إلى جهة قضائية أخرى هي المختصة في متابعة رؤساء الدوائر الإدارية بدل القضاء المحلي.
وفي هذا الإطار ومتابعة لحلقات سابقة نشرتها "الأخبار" ــ حصريا ــ عن أكبر فضيحة هزت لبراكنه منذو عقود، ننشر اليوم رابع تلك الحلقات، وتشمل والي لبراكنه ورئيس مكتب المنميين، وبعض أصحاب العربات والمتطوعين بالمفوضية ممن أدلوا بمعلومات هامة فى القضية.
وتظهر وثيقة حصلت عليها "الأخبار" عن مثول الوالي أمام قاضي التحقيق تركيز الوالي على النأي بنفسه عن الموضوع رغم مثوله كطرف مدني وليس كشاهد، كما تظهر تصريحه بأنه لم يكن يفهم الطريقة التي تجري بها العملية في البداية (رغم أنه المسؤول الأول عنها في الولاية).
وتظهر الوثيقة الوالي وهو يصف الضرر الذي لحق به كطرف مدني قائلا: إنه لم يكن يفهم بصراحة الطريقة التي على أساسها يتم منح وثيقة السحب (بوندى سورتى)، مضيفا أن الرئيس الموريتاني خلال زيارته الأخيرة قال له صراحة لقد أتتني منك شكاوي من المواطنين بأنك تبيع القمح، فقلت له أنا لا صلة لي بالقضية ولست من يشرف عليها، وأن اللجنة هي المسؤولة عن التسيير وأنا حظي منها تحميل المسؤولية.
وعن الشاحنة التي فجرت الفضيحة في التاسع عشر من الشهر الماضي قال الوالي إنه هو من أرسل إلى مفوضية الشرطة بألاك بطلب التحقيق في الموضوع.
وتظهر الوثيقة الخاصة بـ "الأخبار" تحدث الوالي عن فترة الحاكم السابق محمد ولد الغوث الذي أعفاه مجلس الوزراء الموريتاني بشكل استعجالي وفي ظروف غامضة في الثامن من مارس الماضي.
حيث اعتبر الوالي أن الخطة حينها كانت مسنودة للعمد وكل منهم كان يأخذ حصة بلديته لكن كثرة شكاوى المنمين منهم ودعاواهم المتكررة بعدم الاستفادة جعلت الخطة تتمركز عند اللجنة بالمقاطعة، وتشترط قدوم المعنى بنفسه إلى اللجنة.
وردا على سؤال يقول: من هو الشخص الذي ألحق بكم هذا الضرر وبماذا تطالبون؟ رد الوالي أن المسؤول عن القضية هو مستشار الوزير الأول الحسن ولد زين وهو من كان يصدر تعليماته إلى اللجنة وإلى عمال المفوضية، أما بخصوص الاتهام فأكد أنه لايتهم أي شخص بعينه لكن من تورط في هذه القضية يجب أن يحاسب وينال جزاءه، وهو يطالب بحق الدولة الموريتانية في القضية كاملا.
فضيحة لم تكتشف
رئيس مكتب المنمين بألاك محفوظ ولد النحوي كان الأكثر صراحة على مايبدو وجرأة مع التحقيق، حيث أدلى بمعلومات هامة كان يفترض أن توجه مسار التحقيق وتزوده بمعلومات تجعل إدانة المشمولين في التحقيق شبه محسومة.
ففى وثيقة حصلت عليها ا"لأخبار" حصريا كشف رئيس المنميين لقاضي التحقيق عن وجود فضيحة سابقة مع شاحنة من الأعلاف وصلت إلى المنطقة في إطار خطة الدعم الحكومية، وحدث معها نفس ما حدث مع الشاحنة التي فجرت الوضع في التاسع عشر من الشهر الماضي (دون ذكر تاريخها)، قائلا إن هذه ليست أول شاحنة يحصل معها ماحصل (دون أن تظهر الوثيقة أن القاضي سأله عن الشاحنة التي تحدث عنها، كما أنه هو لم يدل بمعلومات إضافية حولها).
واعتبر ولد انحوي في الوثائق التي حصلت عليها "الأخبار" أن الخطة كانت معقدة وإجراءاتها ليست دقيقة، مضيفا أن ما ذكره فاضل ولد عيسى من كون الشاحنة قدمت مساء هو أمر عاري من الصحة بل إن الحقيقة هي أن جميع الشاحنات قدمت صباحا، لكن معلوماتهم لايتوفر عليها غيرعمال المفوضية دون بقية أعضاء اللجنة، مضيفا أن فاضل ولد عيسى كان يتستر على كثير من المعلومات ولم تكن فى متناول الجميع، قائلا إنه سأله نفس اليوم هل جاءت "ركل الساحل" فنفى له ذلك، لكنه بادر هو وصديقه الشيخ ولد لمرابط بتجديد بعض الوثائق الموجودة بحوزتهم، وهوما احتج عليه هوعند الإدارة قائلا إن الأمر لافت للانتباه ولايمكن أن يستقيم، كما أكد ولد انحوي أن معلومات لديه تفيد بأن الكمية كانت نسبة عشرين بالمائة منها من مادة القمح.
ثورة كانت على الأبواب
واتهم ولد النحوي عمال المفوضية بإنشاء لوبي يأخذون له الوثائق ليتاجر بها (دون ذكر اسم فرد من أفراد اللوبي الذي عناه كما أن القاضي ــ حسب ماهو واضح في الوثيقة ــ لم يطلب منه معلومات بهذا الشأن)، وأكد ولد انحوي أن ثورة كادت ستحدث لولا أنه تدخل شخصيا وأقنع الكثير من المنمين جاؤوا ثائرين بأن الوضع سيتغير وطمأنهم بأن كل الإجراءات ستتخذ لضمان سلامة الإجراءات.
واعترف ولد انحوي بأنهم في اللجنة المشرفة على العملية كانوا يجهلون حتى طبيعة المستفيد الذي يمثل أمامهم هل هو منمي أم هو بائع؟!، مؤكدا أن الأمر كان يفتقد لكثيرمن الدقة.
جهل مجهول السبب
اعلى ولد اشروقه المولود بقرية القايره والذي أثار الاستغراب توفره على توصية خاصة من الحاكم لعمال المفوضية بتسليمه كمية من ثلاثة أطنان ومن النوعية الجيدة، بدا في الوثيقة التي حصلت عليها "الأخبار" ناكرا أي علاقة له بالموضوع، ويقول إن التوصية الخاصة التي حصل عليها من الحاكم ليسلمها لعمال المفوضية لايعرف السبب الذي جعل الحاكم يعطيه إياها ولم يكن يعرف ماذا كتب فيها (دون أن يحدد سبب جهله بمحتوى التوصية هل هو كونه لايقرأ أم أنه لم ينظر فيها).
وأضاف ولد اشروقه أنه قابل أعضاء اللجنة وطلب حقه وحين سأله الحاكم عن الكمية التي يريد أجابه بأن مفتش البيطرة يعرف ماعنده من الماشية وعليهم منحه على ذلك الأساس وقد أعطوه وثيقة على ثلاثة أطنان دفع ثمنها للبنك (210 آلاف أوقية) ليعود إلى الحاكم ويعطيه توصية مع المخالصة سلمها لعمال المفوضية، وحين سئل عن الأسباب التي جعلت الحاكم يعطيه توصية خاصة قال إنه لايعرف السبب ولايعرف ماذا كتب له فيها.
سوق سوداء
ويبدو اتهام رئيس مكتب المنمين بألاك محفوظ ولد انحوي لعمال مفوضية الأمن الغذائي بألاك بتشكيل لوبي يتاجرون معه بالوثائق له ما يسنده في تصريحات أدلى بها بعض الحمالين وأصحاب العربات، وكذا العاطلون عن العمل ممن استقبلهم مكتب مدير الأمن بألاك وأدلوا بمعلومات قد تسند ما ذهب إليه رئيس مكتب المنمين.
وتظهر وثيقة حصلت عليها "الأخبار" اعترافات لأحد الحمالين يدعى اعبيد ولد إميجن أكد فيها أنه هو وبعض الرفاق حدد عددهم بعشرة (دون ذكر اسم منهم) حصلوا على كمية من تلك الشاحنة دون أي وثيقة أومخالصة، مؤكدا أن فاضل ولد عيسى هو من أعطاهم تلك الكمية بناء على طلب منهم، على أن يأتوه بوثائق في اليوم الموالي (دون ذكر ما إذا كانوا قد أوفوا بالتزامهم)، لكن الوثيقة تظهر اتهامهم بأن الكمية كانت من أجل إسكاتهم فقط عن عملية التوزيع المشبوهة، وهو ما نفاه ولد إميجن قائلا إنه لايعتقد أن التوزيع كان مشبوها وأن العملية كانت مجرد تسهيلات فقط.
وثيقة أخرى ضمن الوثائق التي حصلت عليها "الأخبار" تتعلق بشخص يدعى الشيخ ولد ألمين عرف نفسه بأنه عاطل عن العمل ومتطوع في مفوضية الأمن الغذائي في نفس الوقت، وقد عدد في الوثيقة بعض المصادر التي كان يحصل من خلالها على وثائق الأعلاف، ومن بين تلك المصادر بعض العمد ومفتش البيطرة وحاكم مقاطعة ألاك.
وأكد ولد ألمين أن جميع الوثائق التي كانت تعدها اللجنة المشرفة تتم دون أي مرجعية أو أساس وذلك بالتعاون مع بعض الأشخاص خارج اللجنة، وهو مايعزز هو الآخر وجود لوبيات تتلاعب بالخطة وتتم الاستفادة عن طريقها دون الخضوع لأية معايير.
وذهب ولد ألمين ــ في الوثيقة التي حصلت عليها "الأخبار" ـــ أبعد من ذلك حين سئل عن وثيقتين يبدو أنه تمكن من سحب تسعة أطنان على أساسهما من تلك الشاحنة التي فجرت الوضع، فأجاب أنهما وثائق من بين الكثير من الوثائق لديه وهم كثر ــ حسب تصريحه فى الوثيقة ـــ قائلا إنه لايعرف تحديدا مصدر تلك الوثائق عليه لكثرة ماليد منها، مؤكدا أنه يحصل على الوثائق بسهولة فائقة وكل شىء ينقص إلا الوثائق ودون أي مقابل، وأن كمية الأعلاف الموجودة لديه توجد بمخزن لديه في المدينة.
هذا وأكدت مصادر خاصة لـ"الأخبار" أن فرقة الدرك الموجودة بالمدينة وبمحاذاة مخازن المفوضية كانت تتابع سير التوزيع بالمفوضية منذو انطلاقة العملية في شهر إبريل الماضي وقد تمكنت من رصد الكثير من التجاوزات والفضائح ومن العيار الثقيل كما تصفه المصادر، مؤكدة وجود لوبيات كانت تتحكم في العملية بشكل كبير وفاضح وأن الكثير من الشاحنات جرى تقسيمها بين ثلاثة إلى أربعة أفراد فقط، في حين استلم البعض بعض الشاحنات كاملة بمفرده وتم بيعها في السوق لدكاكين معروفة لدى الدرك.
وأكدت مصادر "الأخبار" أن فرقة الدرك كانت قد رصدت كميات كبيرة من الأعلاف تم سحبها من خلال رسائل وتوصيات لبعض النافذين من بينهم بعض مسؤولي الإدارة المحلية، وعلى مستويات رفيعة، كما أكدت المصادر أن سيارات عسكرية وصلت إلى مقر المخازن وتم شحنها من الأعلاف دون أن تحدد وجهتها، لكنها أكدت أن كل التفاصيل موجودة بحوزة الفرقة، وأكدت المصادر أن فرقة الدرك قد وثقت كل تلك الأمور والتفاصيل وكانت تتوقع أن يحال الملف إليها بوصفها على اطلاع كبير به وبكل حيثياته وتفاصيله وبدقة، بدل تكليف مفوضية الشرطة بالتحقيق وهي التي لم تكن على إلمام به وتقتصر معلوماتها على ما سيدلي به المستمع لهم من معلومات، وأكدت المصادر أن المعلومات التي تمتلكها فرقة الدرك تظهر تورط إداريين وعسكريين وبعض السياسيين النافذين في الولاية.
المصدر: وكالة الأخبار
0 التعليقات: