رؤية الكهول للوضع....
قد لا تصدق أن شيخة مسنة من قرية لكند تدعي أخديجة بنت سيدي، عاشت من الدهر أكثر من ثمانين سنة، تتحدث عن السياسة وتطرح الحلول التي تري أنها مناسبة لحل مشاكل الناس.
"العام جفاف ... العام جفاف ... العام جفاف" تكررها ثلاث مرات، وهي تشيح بوجهها في عدسة الكاميرا "كلتها أنا ؤلان جاحدتها"، فالقمح لم يأتينا هذه السنة، وما يأتي منه لا يأتي إلا بشق الأنفس "مـــــــــــــــــــــــــاه ازكيبة"، على حد قولها.
وتسترسل في حديثها عن البطالة فتقول " الرجال يتراد ماهم جابرين شغله"، وتقسم على ذلك بأغلظ الأيمان، وتؤكد أن الناس هنا لا يعيشون إلا بما تجود به التنمية الحيوانية والزراعة، وهما لم يتوفرا في هذه السنة إطلاقا، مما جعل عامة ساكنة القرية في وضعية حرجة، وخاصة شبابهم.
ونحن نتحدث معها إذ قال ابن لها من فئة العاطلين عن العمل إنه على الدولة أن توفر لهم ما يسدون به حاجياتهم الضرورية، فرت عليه بهذه الكلمات "الدولة ما عنها ش أمسيكينه عاطتونه ولل حاكمت عنا"، وفي ذلك إشفاق منها على دولة فقيرة جدا، على أديم يزخر بالمعادن والخيرات، وتطل على بحر ذا حوت وخير كثير متى ما وجد رعاية وصيانة.
عاطلون عن العمل والدراسة...
سيد محمد "أنا لم أبرح هذه البلدة منذ ولدت، بحثت عن عمل ولم أجده، ولذا فضلت البقاء هنا مع أهلي، أصلي في مسجدهم وأعيش معهم همومهم ومعاناتهم، بعيدا جدا عن شعارات الرحيل والبقاء في العاصمة التي لا يوجد لديه علم بها إطلاقا.
عبد الله لا يعمل أكثر من أن يؤدي بعض الأعمال التي يحتاجها أهله، مثل الحليب على قلته في هذه السنة، إضافة لجلب بعض الحاجيات على ظهر حماره "سفيتنه".
"الدولة سامعين بيها لكنها هي غير عالمة بنا"، هكذا يقول الشاب البالغ من العمر 20 عاما ابراهيم، الذي قال إنه لم يدرس إلي سنتين من الابتدائية، ولم يتمكن من مواصلة المشوار، نظرا لحاجة أهله لــــــــ"حلاب وسراح ووراد وسلاخ".
تلاحظ وأنت تدلف إلي القرية المطلة على طريق الأمل أن البقر لم يغادر مبيته رغم اقتراب الزوال، لأنه ببساطة لا يجد بدا من ما ليس منه بد، ففي عالم الجفاف والقحط، تنقلب الموازين حتى يغير البقر من سياسته في طريقة العيش.
فبقر القرية يقيل مع الناس ويبيت معهم، كأنه بقر جديد في موريتانيا الجديدة.
ومن المؤكد أن هذه الوضعية الجديدة للبقر تعود بالسلب على حياة الناس الذين يصعب عليهم توفير قوت البشر، أحرى الحيوانات.
وينتظر الناس هنا بفارغ الصبر من يقدم مساعدة تخفف من حدة المأساة التي تعيشها القرية المنكوبة بفعل بطالة شبابها وندرة مياهها وإهمال سلطاتها.
موفد السراج ..... قرية لكند وسط موريتانيا
نقلا عن موقع السراج
|
0 التعليقات: