المرأة في مثلث الفقر لا تعرف من الحياة، إلا ما كانت عليه أمهاتنا، يغزلن، ويطحن ويستجلبن الماء، ويدبرن شؤون المنزل، ويبحثن عن الضالة، أما ما سوى ذلك فإنه بدعة ابتدعها الناس لم كانت عند الأسلاف، كما يحدثنك، وهن المتعبات بحمل المتاعب والمسؤوليات الوعرات.
قد لا تتصور أنه لم يطرأ على تصورهن للحياة، وفهمهن لها أي جديد منذ ولدن، فهم لا زلن يفكرن بعقلية الماضي، ومتطلبات الماضي، وحياة الماضي، وكأنهم ماضيات في زمان غير زمانهن.
أم اكلثوم بلغت سن العشرين، ولا تزال كما هي لا تعرف أن المرأة أصبحت اليوم تتوزر، وتتولي القيادة، وأن لها قرار فاعل في صناعة التاريخ.
حلمها الوحيد أن تكون ربة أسرة لتستلم راية جديدة، وتتحمل مزيدا من المتاعب قد لا تقل صعوبة مما هي عليه الآن، لأنها ببساطة، هي من يستجلب لأهلها الماء، وهي من يطحن العجين، ويجمع الحطب، وهي من يبحث عن ضالة الغنم.
ركود الأحلام...
سألت إحداهن هل فكرت طيلة حياتك في أن تصبحي ذات قرار في موريتانيا؟، فضحكت وقالت لي هل تسخر مني، فقلت لا. إنما أسأل، فقالت لي إذا كنت تسأل حقا، فلماذا، لا تفكر، أمي لم تفعل وخالتي لم تفعل، وابنة عمي لم تفعل، وابنة خالتي لم تفعل، فكيف أفعل أنا.
هكذا إذا تموت الأحلام بكل بساطة، وكأنهن "ببغوات فعل"، يكررن أفعال أمهاتهن، ولا يفعلن إلا ما تفعل أمهاتهن اللائي ولدنهن.
آمال الآفطوطيات....
تستطيع أن تجزم أن الآمال هنا محطمة بالكامل، إذ لا أمل غير الالتحاق بالحياة الأسرية، والتنقل من مكان إلي آخر، بعيدا عن صراعات السياسة، ووعود أهلها التي ملها الناس جميعا.
الآفطوطيات لا يردن من الحياة إلا ما هو متوفر، ولا يردن من الدولة إلا ماء وقمحا، أما الدراسة والعلم، فلا أحد يريدها، رغم ما لها من أهمية.
وإذ تحدثك شيخات البدو عن آمالهن فإنك ستكتشف أن آمال الفتيات والكهلات، شيء واحد، لا يميزهما إلا فارغ الوقت.
ولا يحتاج النساء هنا لشيء حاجتهم، للثقافة والتعلم، وتغيير العقليات الراكدة.
موفد السراج...... من مثلث الفقر بموريتانيا
|
0 التعليقات: