الوجه الجديد للخريطة السياسية بولاية لبرا كنه (الأسباب والتداعيات) رأى

الأستاذ يوسف ولد الهادى

بوجهها الجديد تتشكل الخريطة السياسية في ولاية لبراكنه، متخلية عن بعض أوجهها السياسية القديمة التي ظلت تحتكرها لسنين عديدة، ومحتكمة للاعبين سياسيين آخرين جدد، نجحوا في شك شفرة أهم القلاع التي كانت تقف ضد النظام الحالي وبسطو سيطرتهم علي الولاية برمتها، ويتضح ذالك بصفة جلية من خلال القيام بقراءة بسيطة للخريطة السياسية الجديدة بالولاية، حيث استطاع رجالها المنضوون تحت راية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية والداعمون لبرنامج رئيس الجمهورية، بسط هيمنتهم علي كافة أطراف الولاية، إذ نجحوا في كسب ود الناخبين، وفازوا بمقاعد الولاية العشرة النيابية بنسبة مائة في المائة، ومجالسها البلدية بنسبة ثمانية وتسعون في المائة، في مشهد سياسي جديد له علاقة وطيدة بأسباب سياسية وأخري تنموية.

وبخصوص الأسباب التنموية فهي تبدو ترتبط ارتباطا وثيقا بمدي نجاح برنامج رئيس الجمهورية، واقتناع ساكنة لبراكنه بتلك المشاريع التنموية التي جسدها برنامجه من طرق (طريق بوكي - روصو وطريق مال التي ستساعد في فك العزلة عن قرابة ثلاثون ألفا من ساكنة الولاية) وماء (مشروع افطوط الريفي من الاك إلي شكار مقطع لحجار) وكهرباء وبرامج تنموية من خلال دعم أصحاب المشاريع الصغيرة ذوي الدخل الضعيف كانت ساكنة لبرا كنه الأكثر استفادة منها، فضلا عن دور الحوانيت التي فتحت لمساعدة ذوي الدخل الضعيف، هذا إضافة إلي الدور الذي قامت به المندوبية الجهوية للتنمية الريفية، من إعطاء عناية خاصة للسدود ودعم الزراعة، ودعم أيضا المساجد وتكوين الأئمة والاعتناء بهم بعد أن كانو في سلة المهملات خلال الحقب السابقة .

أما علي المستوي السياسي فقد نجح رجال النظام المحسوبين علي حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في إزاحة بعض الزعامات السياسية القديمة، وإقصائها سياسيا بعد أن كانت تحتكر الساحة السياسية بالولاية، وكانت هذه الزعامات السياسية بقيادة الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبدا لله، وبعض رموز نظامه السابق وبعض المغاضبين، فضلا عن بعض مدراء من النظام الحالي كمدير ديوان الوزير الأول، تشكل معارضة شرسة للنظام برعاية من الرئيس الأسبق الذي لم يدخر جهدا في تشكيل حلف مناهض للنظام.

إلا أن أطر النظام الحالي والداعمين لبرنامجه من خلال حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، استطاعوا كسب أهم معقل من معاقل النظام السابق، حيث مسقط رأس الرئيس الأسبق وأبرز رموزه السابقين، وإزاحتهم من المشهد السياسي بالولاية والتغلب عليهم في معاقلهم في معظم أرجاء المقاطعة، مما يعني اقتناع ساكنة لبراكنه ببرنامج رئيس الجمهورية، وانسجاما مع كل برامجه وخياراته السياسية، وهذا يعني أن ولاية لبراكنه بصفة عامة، ومقاطعة ألاك بصفة خاصة، والتي كانت تشكل مصدر إزعاج للنظام الحالي بفعل المعارضة القوية التي كانت موجودة فيها، أصبحت من أهم القلع التي يراهن عليها النظام، كأحد أبرز الولايات الداعمة لبرنامج رئيس الجمهورية وسياساته التنموية .

تأسيسا علي ما سبق وانطلاقا من المعطيات السالفة الذكر، يمكن القول بأن ولاية لبراكنة التي كانت تشكل أهم معقل من معاقل معارضة النظام الحالي، فإنها أًصبحت أهم الولايات التي يراهن عليها النظام الحالي، نظرا لبعديها الاستراتيجي والسياسي، إذ أنها أصبحت من بين ولايات الوطن الأهم من الناحية الانتخابية، بفعل كثافتها السكانية التي جعلتها في المرتبة الثالثة من ناحية الكثافة السكانية، والثانية من حيث عدد الناخبين>

وبفعل الفوز الكاسح الذي حققه الحزب المحسوب علي النظام، رغم تحالف ووقوف ما سمي بالمغاضبين مدعومين في ذلك من طرف الرئيس الاسبق، ومدير ديوان الوزير الأول الذين استنفدوا كل أوراقهم، ردا ـ علي عدم رضاهم عن ترشيحات الحزب، فلم يشفع لأوليك الذين انسحبوا فرادي وجماعات، وتحالفوا مع بعض أطر النظام الحالي، أن ينجو بأنفسهم كنوع من رد الاعتبار لأنفسهم، وليبرهنوا علي وزنهم السياسي الذي لم ينجحوا في تسويقه بالطريقة التي أرادوها، مما يجعل مستقبلهم السياسي في مهب الريح، رغم اعتراف البعض منهم بعدم تمعنه جيدا في قراءته للخريطة السياسية للمقاطعة، واعترافه أيضا بالعجز في الحفاظ علي حماية عرينه كما كان في السابق، وتودد البقية للنظام أملا منهم في نسيان الماضي، وفتح حسابات سياسية جديدة، انطلاقا من بعض المعطيات الواقعية، التي كانت غائبة عنهم تماما كما يرون .

وعموما يمكن للقارئ البسيط للساحة السياسية الجديدة، أن يلاحظ بعض التحولات السياسية الجذرية الجديدة للولاية بصفة عامة، ومقاطعة ألاك بصفة خاصة، نتيجة لأسباب سياسية وأخري تنموية، جعلت الناخب البسيط ينسجم مع برنامج رئيس الجمهورية، وهذا يعني بالمفهوم السياسي الصحيح أن لذلك دلالات وتداعيات سياسية إيجابية، أقنعت الرأي العام من جهة، والقصر الرئاسي من جهة أخري، مفادها أن ولاية لبراكنه انحازت لبعض الأسباب الموضوعية، سياسيا وتنمويا ـانسجاما مع الخطوط العريضة لبرنامج رئيس الجمهورية، ورضاها عن أطرها الذين يمثلونها من ناحية، ومن ناحية أخري تعلق ساكنة الولاية بتجديد الطبقة السياسية عبر لاعبون سياسيون جدد، برهنوا علي وزنهم وثقلهم السياسي، وأقنعوا رجال القصر، كما أنهم نجحوا في تأطير رسل الحزب نحو الأمثل، ونحو الأهم قبل المهم ، ونحو الرجل المناسب في المكان المناسب، فضلا عن تقليلهم من أهمية ما سمي بحلف المغاضبين وعدم تأثير خروجهم علي خيارات حزبهم من جهة أخري، ويري البعض أن ذلك التاطير الذي اعتمد عليه الحزب من بعض الأطر الداعمة للرئيس آتت أكله من خلال النتائج التي حققها حزب الاتحاد، وهذا شيء مهم بالنسبة لساكنة لبراكنة بصفة عامة وأطرها بصفة خاصة.

وهو أن يكون أطرها الموالون للنظام محل ثقة للقصر الرئاسي وعلاوة علي ذالك، يمكن القول بأن ولاية لبراكنة بفعل التحولات الجديدة والنقلة النوعية التي حولتها من ولاية معارضة ، إلي ولاية موالية للنظام، أصبحت منسجمة مع برنامج رئيس الجمهورية وسياساته التنموية، وإذا ما تم اعتماد حسابات الوزن السياسي والقاعدة الشعبية الداعمة لخيارات حزب الاتحاد المحسوب علي النظام فإن ولاية لبراكنة أصبحت تستحق منصب الوزير الاول، أوعلي الأقل حقيبتين وزاريتين دائمة.

تصنيف : المقالات